ارسل لي الصديق العزيز الدكتور فرست روزبياني مقالا رائعا للكاتبة الروسية ايرينا ايفانوفا عن قصة حب الكاتب الروسي العبقري إسحاق بابل ، وزوجته المهندسة العبقرية انطونينا بيريزكوفا ، التي صممت واشرفت على بناء اجمل محطات المترو في موسكو في الثلاثينات من القرن الماضي . ومن المحطات الجميلة التي صممتها بيريزكوفا ، محطة مترو " مايا كوفسكايا " وهي ما زالت من اجمل واروع محطات المترو في موسكو والعالم .وكانت اول مهنسة ألفت كتاباً عن اسس تصميم محطات المترو .
أعدم بابل بتهم ملفقة في اوائل عام 1940 وعاشت بيريزكوفا في انتظاره لسنوات عديدة . وطوال هذه السنين كانت كلما راجعت ادارة السجون والمعتقلات للسؤال عن اخبار زوجها ، كانت تقابل باكاذيب اتقن الجلادون جبكها : يقولون لها ان بابل ما يزال في السجن حي يرزق ،. ولم تنكشف الحقيقة الا عام 1954 ، حين اثمرت مراجعاتها المتعددة الى السلطات المختصة عن رد الاعتبار الى زوجها المعدوم ظلما وغدرا قبل اربعة عشر عاما . كرست بيريزكوفا ما تبقى من حياتها لجمع كل ما يتعلق ببابل من آثار ، وكتبت عنه وعن قصة حبهما كتابين ثمينين .
كان بابل طوال زواجهما - الذي لم يدم سوى سبع سنوات – مزهوا وفخورا بزوجته . وفي كل يوم كان يذهب الى مكتب تصميم محطات المترو ، ليستقبلها امام باب المكتب بعد انتهاء الدوام الرسمي ، ويدقق النظر في لوحة الشرف المعلقة قرب باب المكتب ، ليجد صورة زوجته تتصدر القائمة من جديد .
كان لكل منهما في المنزل مكتبه الخاص . بابل يذرع الغرفة جيئة وذهابا يفكر ويردد ما طرأ في ذهنه من افكار ، وانطونينا تواصل البحث عن حلول لقضايا هندسية بالغة التعقيد.
ذات مرة كان عدد من كتاب المسرح والسيناريو ضيوفا على بابل في منزله . يتبادلون الرأي حول الأدب والمسرح والسينما . لم يكن بابل يحب الحديث عن الأدب ، ولا يطيق النقاش جوله . وعندما احتد النقاش قال بابل : تفضلوا معي سأريكم الفن الخقيقي ، واخذهم الى غرفة ( مكتب ) زوجته وقال مخاطبا اصدقاءه من الكتّاب : انظروا الى لوحة التصاميم هذه . ان اعمالكم بالقياس الى هذه التصاميم المعقدة الرائعة مجرد لعب اطفال .