حملة ثقافة المحبة والسلام
24 Nov
قصص ملهمةمن حملة المحبة والسلام: امرأة تهزم السرطان بقوة المحبة وضياء السلام


خاص بمنصة مبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام المشتركة بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية

يسر منصة مبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام أن تعرض تجربة سيدة عراقية وجدت نفسها تتحدى مرض السرطان وسط محبة أفراد عائلتها ودعمهم لها:

عندما يختصر العالم في لحظة مواجهة مع طبيب الأورام، عندها تكون الدنيا عبارة عن حبّة عدس وربما أصغر من ذلك بكثير. ورغم ذلك كان لوقع كلمات الطبيب على تلك السيدة التي ودّعت أناساً أصابهم المرض نفسه في أماكن متفرقة من أجسادهم، كسكين جرّدها من مشاعرها لتستذكر فقط آخر من ودّعتهم، وهي شقيقتها وصديقتها في الوقت نفسه، وكان لها من العمر ما يقترب من عمرها بعامين. 

غابت عن الوعي للحظات، وقالت: ربما سأرحل بعد شهر من العملية التي ستُجرى لي، وربما أقل بكثير، كما فعلت شقيقتي التي ودّعتنا بعد العملية بعشرة أيام، وكانت تعاني من مرض السرطان الذي باغتها بدرجته الثانية. وها أنا أحصل على الدرجة نفسها وفي المكان نفسه.لكن هذه المرّة كان الوعي أكبر عند عائلتها: أولادها، أهلها، زوجها… الجميع حارب معها المرض وبدأوا الرحلة معاً بعد أن فقدوا العديد قبلها، فأصرّوا على مغادرة الحزن والخوف والتسلّح باليقين ومعاودة اجترار الفرح بأنّ المحنة ستمر.

رافقتها في كل المراحل، في الجرعات الكيمياوية والعملية، شقيقتها الصغرى هدى التي كانت تتفق مع أبناء اختها الأربعة طيبة وعبد الله والحسن وسارة على زراعة الأمل والفرح لأمهم، وأنّ المرحلة ستمضي بنجاح. مرّت أيام الكيمياوي بجلساته، والإشعاع بجلساته الأخرى، بهدوءٍ مخيف. كانت شقيقتها وأولادها يزرعون كل يوم حكاية، إلى أن وصلوا لآخر يوم من الجلسات، فنظموا حفلة صغيرة ـ ومعهم حفيدتها روز التي تبلغ من العمر الآن خمس سنوات والتي كانت تدعمها بشكل أو بآخرـ  

ووضعوا كلمة (عُدتِ) على أعلى قالب الحلوى، وقدّموا لها هاتفاً جديداً لتتفاجأ في آخر يومها بكل مَن تبقّى من أهلها وهم يصفقون لها، وإن كانت تخجل من شكلها بلا شعرها الجميل ووجهها الذي كان ينطق بالحيوية وصار ذا ملامح مرتبطة بالمرض.

شعرت بسعادة بانَت على كل تقاطيع وجهها المتعب، وهي تبدأ رحلة جديدة بالفحص وأدوية الوقاية التي ستستمر معها خمس سنوات. وكان معها أيضًا كل عائلتها الذين ساعدوها في العودة إلى العمل، فحتى أثناء جلسات الكيمياوي كانت تخرج من المشفى إلى المدرسة التي تُحاضر فيها، فيمنحها البعض قوة، ويستغرب آخرون من وجودها بلا أدنى ملامح، لكنها صممت واجتازت المرحلة، وكل فحوصاتها أثبتت أنها تتماثل للشفاء، وأن عودتها بكامل ملامحها الجميلة من جديد باتت قريبة.

رحلة عروبة في عالم ذلك المرض الخبيث كانت حكاية صمود ليس من السهل تخطيها، لكنها كانت امرأة من طراز خاص، تخطت حزنها ومرضها، وعادت لتقول: أنا هنا… ما زلت هنا، وبكامل قوتي وجمالي. هي حكاية عروبة جاسم محمد، امرأة من هذا الزمان.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة