مجلة سماء الأمير ـ خاص:
تختزل كلمة "السلام" أحيانا معاني أعمق مما يجول في عباراتٍ كثيرة، ولعل السلام وهو أحد أسماء الله الحسنى من تلك الكلمات التي تستحق أن تتسيد عناوين مهمة في مجالات شتى من حياتنا اليومية.
فاللاخطر ومهد الارتقاء هو المعنى اللغوي الذي يحمله السلام في اللاتنية، وهو مشتق من فعل سلِم الفرد وأمِن من كل ما يؤذيه أو يقلق باله وضميره، وتعني الأمان والاطمئنان.
كما إن السلام اصطلاحا لا يخرج عن المعنى اللغوى فقد أتسع المفهوم من السلام السلبي (أي غياب الحرب والنزاعات والصراعات) ليشمل السلام الإيجابي (أي غياب الاستغلال، وإيجاد العدل الاجتماعي) وهناك علاقة ارتباطية بينهما ترتكز على التوافق بينهما.
ولعظمة السلام في الاستقرار النفسي للفرد والمجتمع بما ينعكس على رخائها، حثت الأديان السماوية منذ نزولها على السلام باعتباره أحد أهم اعمدتها التي من خلالها يمكن الارتقاء بالفرد والمجتمع بما ينسجم مع اطروحاتها الإلهية.
يرتكز السلام الذي مرَّ بمراحل وصياغات متعددة، على التعامل مع الأسباب الكامنة وراء اقتتال الناس في ما بينهم في المقام الأول، إلى جانب دعم المجتمعات لإدارة خلافاتها ونزاعاتها من غير اللجوء إلى العنف، مما دعا الدول الحديثة الى أن تأخذ على عاتقها بناء السلام وإرسائه في مجتمعاتها وفقاً لعوامل وضوابط معينة.
ومن أهم العوامل التي أشار إليها بعض الدراسات في أهمية إرساء السلام، العيش في أمان يلا خوف أو تهديد بالعنف، ووضع القوانين للجميع والتي أكدها الفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) عن طريق نظام حقوقي عام يمنع ممارسة أي شكل من أشكال العنف، ويكون الجميع سواسية أمام القانون، وتكون أنظمة العدالة موثوقة، وتحمي القوانين العادلة والفعالة حقوق الناس.
بالمقابل من المهم أن يتمتع الفرد بإمكانية الوصول العادل والمتساوي إلى الاحتياجات الأساسية التي تضمن استقرار العيش الكريم – مثل الغذاء والمياه النظيفة والمأوى والتعليم والرعاية الصحية وبيئة معاشية لائقة، فضلاً عن فرص متساوية في العمل وكسب الرزق، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو أي جانب آخر من جوانب الهوية. هذه هي العوامل التي إذا ما اجتمعت تمد الناس بالقدرة على الصمود التي تسمح لهم بالتعامل مع خلافاتهم ونزاعاتهم من غير اللجوء إلى العنف.
لذلك تنبذ المجتمعات المستقرة والعقلانية، العنف والمشاعر الهدامة المتمثلة بالغضب والكراهية، التي لا تهدم هدوئنا الذهني في تلك اللحظة وحسب، بل هي أيضًاً هدَّامة جدًا لحديثنا وصحة أجسادنا، فضلاً عن إنها تؤثر على طريقة تصرُفنا، فهي تدفعنا للتصرف بطرق مؤذية جداً؛ لذلك فهي هدامة.
بالمقابل يوجد نوع آخر من المشاعر تمنح الفرد القوة والسلام الداخليَين مثل: الشفقة ،الصفح، التي تُعطينا القوة وتقودنا إلى السكينة وترسي داخلنا سلاماً ذهنياً يمنحنا القدرة على التحكم وضبط المشاعر بشكل إنساني، والتي من شأنها أن تحول المشاعر السلبية الى إيجابية، وعلى وفق هذه المشاعر قد يصبح الشخص الذي غضِبنا منه أقرب صديقاً لنا، هو المعنى الذي أشار له القرآن الكريم في سورة فصلت: بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) صدق الله العظيم.
ومن أجل ذلك فنحن بحاجة للبدء في تنمية السلام داخل أنفسنا، عائلاتنا، وبعد ذلك داخل مجتمعاتنا ومن ثم محاولة الوصول الى السلام العالمي.
اعتمد مُعد المقال على المصادر الآتية:
1ـ مفهوم السلام، الإعداد العلمي: مي محي عجلان، موقع الموسوعة السياسية، 1/9/2018.
2ـ ماهو بناء السلام؟، موقع إنترناشونال ألرت (Alert International).
3ـ تحقيق السلام من خلال السلام الداخلي، حدبث للدالاي لاما الرابع عشر، موقع studybuddhism. ـ