12 Sep
12Sep

مجلة سماء الأمير ـ خاص: 

يعرف التعايش بأنه حالة تعيش فيها مجموعتان أو أكثر معا في نفس المنطقة الجغرافية, مع احترام كل منهم لاختلافات بعضهم البعض وحل نزاعاتهم بطريقة سلمية والميل الى التسامح والتعاون دون اللجوء الى العنف، حيث يعد التعايش من القيم المهمة التي تحتاج اليها المجتمعات خاصة في عصرنا الحديث.(1 من مقال التعايش: المفهوم، والأهمية، وأكثر مفاهيم اجتماعية).

التعايش لغة من تعايشوا: اي عاشوا معه على الألفة، وعايشه عاش معه، والعيش معناه الحياة، كما ان المفهوم الذي جاء على صيغة (تفاعل) اللغوية يقتضي بالضرورة علاقة تشاركية بين طرفين او اكثر مع وجود اختلافات بينهم, وهذا يعني قدرتنا على ادراك اهمية العيش المشترك كقيمة عليا من قيم الحياة لابد أن تكون نابعة من اعتقاد مشترك بين طرفين او اطراف تريد ان تتعايش على الرغم من اختلافهم، ولهذا فإن القيم المشتركة هي مركز ومحور عملية التعايش، ولا بد من القول ان التعايش لا يعني إلغاء العقائد الاساسية للبشر او المرجعيات الفكرية المختلفة بينهم لأن هذه المرجعيات الفكرية هي التي تمنح الفرد توازناً نفسياً وسلاماً داخلياً وانسجاماً مع محيطيه العام..... وحتى يتسنى لمبدأ التعايش أن يتحقق على ارض الواقع, فإن هناك منظومة من الشروط والقيم المصاحبة له، فالمعرفة شرط ضروري من شروط مجتمعات التعايش لأنه من خلال المعرفة والادراك تتفهم المجتمعات المتحضرة اختلافاتها من ناحية، واختلافات المجتمعات المغايرة لها وما يتصل بذلك من عادات وتقاليد وبيئات حضارية من ناحية اخرى. والشرط الثاني هو النظام ونعني بالنظام هنا، القواعد والقوانين التي تحكم طبيعة التعايش بحيث يصبح التعايش بذاته علامتها الفارقة في مجتمع عبر تطبيقات النظام الذي يؤطر ويحرس نمط التعايش وازدهاره في ذلك المجتمع. ومن اهم هذه القيم الداعمة لمبدأ التعايش قيمة الحوار, لأن الحوار هو عنوان التعايش والتعبير الاسمى عن دلالته، بل يمكننا القول ان التعايش في حقيقته انما هو اشكال متعددة من الحوار. ومن القيم ايضا قيمة الاحترام لان الاحترام حالة من سمو النفس تفرض على صاحبها مراعاة قواعد العيش المشترك، وبهذا يصبح الاحترام قيمة عليا في الضمير الاجتماعي الذي عادة ما يكون موازي لقيمة النظام والقانون. ومن مظاهر التعايش  التسامح وهي قيمة ترتبط بالقدرة على ان يكون المجتمع متصالحاً مع نفسه ومعبرا عن ذلك التصالح من خلال التنوع والتعدد في التوجهات المختلفة بين اطيافه.

الى جانب تلك القيم يعد النقد الذاتي  من اهم الحصون لمبدأ التعايش حيث ان حصانة النقد الذاتي التي تزدهر في مجتمعات التعايش الحقيقي ستكون لها بمثابة المسار الذي يصفي صحة المجتمع والوطن من تلك الشوائب باستمرار وبالتالي يصبح نمط التعايش في اي مجتمع هو حصانة مستمرة عبر النقد الذاتي. واخيرا ما يعتبر تاج التعايش وحصنه الامن هناك قيمة المواطنة، بوصفها تعريفا حصريا وعموميا للفرد في الدولة تقوم عليه المساواة التامة بين جميع افراد الشعب امام النظام والقوانين وبعيدا عن اي اعتبار للقبيلة او اللون او العرق او الطائفة.(2 من مقال التعايش ... خيارنا من اجل المستقبل).

وللتعايش فوائد عظيمة تعود على الفرد والمجتمع حيث توفر حالة التعايش ظروفاً نفسية وجسدية للأفراد والمنظمات والمجتمعات لتقليل التوترات وانتشار السلام وحل اسباب النزاع، كما يخلق التعايش بيئة يمكن من خلالها الحفاظ على امن جميع الافراد ويسمح لهم ببدء حوارات مناسبة وذات نتائج مرضية، ويسمح عصر التعايش للمصالح المشتركة مثل المصالح الاقتصادية بالظهور بين الخصوم مما يمنح كلا الطرفين مصلحة قوية في جعل المرحلة المؤقتة مرحلة دائمة. (1 من مقال التعايش: المفهوم، والأهمية، وأكثر مفاهيم اجتماعية).

وتأتي اهمية التعايش والتسامح في أنهما يمثلان العوامل الرئيسية لتحقيق الامن والاستقرار والتنمية في اي مجتمع لأن هناك علاقة وطيدة بين التعايش والتسامح كثقافة، والامن كهدف, وهذه الصلة تأتي لأن الامن لا يتحقق إلا في ظل الاستقرار، ولأن الاستقرار لا يتحقق إلا بالتعايش والتسامح, ومن اهم مظاهر الاستقرار تقبل افراد المجتمع بعضهم لبعض بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية والاسمية والدينية.... الخ، فيصبح لدينا مجتمع متعدد ومتسامح ومنفتح وتنخفض فيه معدل الكراهية والتطرف ايضاً....

ومن هنا تأتي اهمية اللجوء الى الاعلام الرقمي الذي من الممكن ان يكون الوسيلة الاكثر نجوعاً وتأثيراً لأنه وسيلة نقل حيوية للمعلومات والآراء تتجاوز جميع الحدود الجغرافية ومنصة في غاية الاهمية لتثقيف الافراد وتشكيل العقل الجمعي الالكتروني الذي يرتد ليعكس خصائصه على سلوك افراد المجتمع, ولذا فأنه من اهم وسائل تحقيق التعايش والتسامح في وقتنا الحاضر.(3 من مقال فرص التعايش والتسامح وتحدياتهما في ظل الإعلام الرقمي)

المصادر التي اعتمدتها المحررة في اعداد هذا الموضوع:

   (1)       رونجيه حسين, التعايش: المفهوم، والأهمية، وأكثر مفاهيم اجتماعية، نشر في موقع بنيان، 7 تموز ـ يوليو 2021.

(2)     فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، التعايش ... خيارنا من اجل المستقبل، جريدة الشرق الاوسط.

  (3)        نوف يعقوب السعدي, فرص التعايش والتسامح وتحدياتهما في ظل الإعلام الرقمي، موقع تريندز للبحوث والاستشارات، 5 أيارـ  مايو 2022.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة