حملة ثقافة المحبة والسلام
24 Nov
المحبة والسلام من زاوية الاختصاص مع القاصّة والمخرجة بثينة الناصري

خاص بمنصة مبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام، الحملة المشتركة بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير  الإلكترونية الرقمية

خصصت مبادرة حملة ثقافة المحبة والسلام المشتركة بين دار الكتب والوثائق ومجلة سماء الأمير الإلكترونية الرقمية زاوية  تلتقي فيها مع أصحابِ الاختصاص لتطرح عليهم أسئلةً حول سُبُل تعزيز ثقافةِ المحبة والسلام، واستلهامِ رؤاهم في بناءِ مجتمعٍ متعايشٍ ومنسجم.

وقد استضافت الزاوية القاصُّة والمخرجة العراقية بثينة الناصري، تسكن في مصر، وقد وجَّهنا لها السؤال الآتي: 

* بصفتك قاصّة ومخرجة أفلام وذات فكر حر، كيف يمكن للأدب والسينما أن يُلهم الجمهور ويبث فيهم قيم المحبة والتسامح لبناء عالم أكثر إنسانية وسلاماً؟   

فأجابت قائلةً: 

ـ السؤال، رغم مباشَرته وسهولته، لكن الإجابة عليه صعبة. من السهل أن أقول كما يقول الكثيرون: لا بدّ أن يدور المضمون حول فكرة المحبة والعدالة وانتصار الخير بين البشر، ولكن هذا غير واقعي كما نراه حولنا، حيث تنتشر القيم المناقِضة لهذه القيم النبيلة. سيكون الفيلم أقرب إلى الخيال. ثم إنّ القيم تختلف من مجتمع إلى آخر؛ فربما يرى مجتمعٌ، مثلاً، أن قيم الفضيلة تتطلّب أن تُغلَّف المرأةُ بالسواد وتُحبَس في بيتها، في حين يرى مجتمعٌ آخر أن المرأة نِدٌّ للرجل وعليها أن تعمل مثله لتعمر الحياة. 

وأضافت إلى حديثها قائلةً: 

ـ في قناةٍ على يوتيوب نرى الكثير من صُنّاع المحتوى الجيد، ومن ضمنهم صاحبُ قناةٍ أتابعها يركّز على التفرقة العنصرية والطبقية والحكم على الآخر من شكله (اختلاف لونه أو ملابسه الفقيرة، إلخ). وفي كل مرة ينتصر المظلوم ويُندحر الظالم ويُلقَّن درساً لا ينساه. كأن يُمنَع رجلٌ أسودُ البشرة من دخول مطعم فاخر من قِبَل مديرة المطعم بيضاءِ اللون، باعتبار أنّ هذا الزبون لن يملك بالتأكيد المال لدفع ثمن عشائه، ثم في النهاية نكتشف أنّ الزبون هو أصلاً صاحبُ المطعم وجاء ليختبر العاملين فيه، والنتيجة: تُطرَد المديرة التي أساءت استعمال سلطتها. وعلى هذا المنوال تجري هذه الفيديوهات. من يتابعها يشعر بالسعادة والإحساس بالثأر لظلم إنسانٍ ما والانتصار له، ولكن تكرار الثيمة نفسها يجعل المشاهد يتوقع ما سيحدث. إضافةً إلى أنه يجعل المضمون أشبهَ بوعظٍ ديني أو حكمةٍ لا تُطبَّق عادةً في الحياة الواقعية. فمتى اتّعظ البشر بما جاء في الكتب المقدسة بكل أنواعها من نصائح أو قصص للاعتبار أو حتى نَهْيٍ عن قتلٍ أو سرقةٍ أو كذبٍ أو ظلمٍ أو انتقاصٍ لحقوق الناس في الميزان أو في الإرث، مع كل الترهيب بالعقاب في الدنيا والآخرة؟ 

وأشارت إلى أنها لا تنكر تأثُّر الكثير من الناس في اتخاذ قرار، أو السير، أو التوقّف في طريقٍ معين من حياتهم اليومية إثر قراءة رواية أو قصة، أو مشاهدة مسرحية أو فيلم. 

مضيفةً بالقول: 

ـ في هذا المجال لا أنسى أبداً صحفيةً أمريكية شابة حضرت ندوةً في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن كتاب مختارات قصصية لي ترجمه إلى الإنجليزية المترجمُ الكندي الراحل دنيس جونسون ديفز، وقد اختار للمجموعة عنوان إحدى قصصي «الليلة الأخيرة»، وهي قصة عاشقين تقرر فيها المرأةُ يوماً أن تغادر المنزل بسبب اختلاف شخصيتيهما رغم الحب الذي يجمعهما. وفي ليلةٍ أخيرة تودّعه رغم كل محاولاته لإثنائها عن قرارها، ثم تغادر حاملةً حقيبةَ سفر. قالت الصحفية الأمريكية إنّ هذه القصة، التي قرأتها في المجموعة المترجمة إلى لغتها، قد ساعدتها في اتخاذ قرار كانت تؤجّله منذ فترة طويلة. كانت تلك الجملة أجمل قراءة نقدية لقصصي: أن تؤثّر قصة كتبتُها في مواطِنة لا أعرفها، من بلدٍ يختلف ثقافةً وتقاليدَ. فكرتُ حينها أننا نحن معشرَ الكُتّاب نكتب لهذه النتيجة. لكنني الآن أفكّر ربما بشكل مختلف، لأن القرّاء ليسوا سواسية في فهم قصةٍ ما، وقد يفسّرونها تفسيراً مختلفاً تماماً، كما حين نشاهد لوحة تشكيلية فنُفسّرها تبعاً لإحساسنا بها. وهذا ما يحدث أيضاً عند مشاهدتنا الأفلام والمسرحيات؛ فقد يريد الكاتبُ أو المخرجُ شيئاً، لكننا نفهم منها شيئاً آخر.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة