تعريف
قانون مناهضة العنف الأسري كان قد صدر العام الماضي 2019 ويتضمن 27 مادة بدأها بتعريف العنف بأنه كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد باي منهما، يرتكب داخل الاسرة، يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي..وحدد هدفه بـحماية الاسرة،وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من جميع اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية،وختمها بتحديد الأسباب الموجبة في: الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية للأسرة وأفرادها،وتحمل الدولة لمسؤولياتها،ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها،وتوفير الخدمات اللازمة، ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعد شكلا من اشكال التمييز، وانتهاكاً لحقوق الانسان، والتزاما بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية، وسيرا على خطى مبادئ المجتمع الدولي، وتنفيذاً لأحكام المادة 29 من الدستور.
واقع حال
لدينا من الأدلة ما يشير الى ان العنف الأسري تضاعفت حالاته في المجتمع العراقي بعد 2003 نكتفي منها بثلاثة،الأول:افاد تقرير مركز المعلومة للبحث والتطوير بأن 46 بالمئة من النساء العراقيات يتعرضن للعنف،مستندا الى دراسات ميدانية،قدمت نتائجها بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام.واللافت في هذا التقرير ان تعاطي الزوج للمواد المخدرة جاء بنسبة 64 بالمئة محتلا المرتبة الثانية في اسباب العنف بعد المشكلات الاقتصادية،يليه بالمرتبة الثالثة وبنسبة56 بالمئة استخدام الزوج للعنف كحق من حقوقه التي ينص عليها الدين! وفي ذلك تساؤلان مشروعان:الأول،ان الحكومات السابقة تعلن انها تعمل بجد على مكافحة المخدرات..فمن اين يحصل هؤلاء الأزواج على المواد المخدرة؟.والثاني:ان العملية السياسية تقودها احزاب دينية لها جماهيرها،فكيف فهموا الدين على انه يبيح للزوج استخدام العنف ضد زوجته؟.الثاني: في تقرير اخباري لفضائية الحرة-عراق أفاد ان حالات الطلاق في العراق في تزايد،تتصدرها بغداد الكرخ وتليها الناصرية، ثم النجف في المرتبة الثالثة، مسجلة ارقاما قياسية، وصلت الى 50 بالمئة من عدد المتزوجين، وأن القضاة وصفوا ظاهرة الطلاق بأنها صارت توازي ظاهرة الارهاب!.وأفاد تقرير من احدى محاكم الكرادة بأن عدد حالات الطلاق فيها تتراوح بين 20 – 50 حالة في اليوم الواحد،وأنها صارت مصدر رزق للمحاميات والمحامين وكتّاب العرائض!.الثالث: افادت دراسة لوزارة التخطيط2012 الى ان 36 بالمئة من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الجسدي والنفسي والجنسي من الأزواج. ونضيف رابعا: اسهام فيروس كورونا بتصاعد العنف في الأسرة العراقية وصل حد ارتكاب جرائم ضد أفرادها بما فيها تعذيب او حرق او قتل الأطفال، بسبب توالي الخيبات عبر 17 سنة والحجر غير الصحيوالتوتر والعصبية وعدم القدرة على التحكم بالغضب.
تقويم
مع ان العراق كان قد صادق في 1986 على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة – سيداو،ورغم ان لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة دعت جميع الدول الى اصدار تشريعات لمكافحة العنف ضد النساء،فان العراق استجاب بان اصدر قانونا ولكن لم يأخذ طريقه للتطبيق باستثناء اقليم كوردستان الذي اعتمد قانونا متطورا لمناهضة العنف الاسري خاصا به.
ولدى قراءتنا للقانون وجدنا ان القانون ما كان دقيقا في تعريفه للعنف ضد المرأة،اذ هو يعني في مفهومنا نحن السيكولوجيين المعنيين بهذا الموضوع: اي سلوك يصدر من الرجل بطابع فردي أو جماعي، وبصورة فعلية أو رمزية أو على شكل محاولة أو تهديد أو تخويف أو استغلال أو التأث?ر في الإرادة، في المجالات الاسرية أو المجتمعية أو المؤسس?ة، سواء أكان هذا الرجل أب، أخ، عم، خال، زوج، إبن، زم?ل، أو أي رجل آخر قر?ب أو غريب بقصد ايذائها جسديا أًو جنسيا أًو نفسيا أًو لفظ?اً، أو بقصد التحقير والحط من شأن?ها أو الانتقاص من?ها، أو انته?اك حقوقها الانسانية أو القانونية أو كليهما ، مما يستبب في إحداث أضرار مادية او معلنوية او كليه??ما بغية تحقيق غرض شخصي لدى المعنَفِ ضد المرأة الضحية فضلا عن ان دليل الأمم المتحدة يوصي بأن تشمل التعريفات القانونية للعنف الأسري عناصر العنف المتمثلة بـالجسدي والجنسي والنفسي والأقتصادي..ولم يوضح القانون العراقي العنف الأقتصادي الذي يتضمن سيطرة الزوج او الزوجة على المصدر المالي للأسرة،او منع احدهما للآخر بتحصيل سلع او ممتلكات، او استفراد احدهما بالقرار الأقتصادي الخاص بالأسرة.
ولا يشير مشروع القانون إلى أنواع الأدلة التي يمكن قبولها في قضايا العنف الأسري،التي حددها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بـ أدلة الطب الشرعي، أقوال الضحايا، صور فوتوغرافية، شهادات خبراء، ملابس ممزقة،ممتلكات مُتلفة، تسجيلات هواتف خلوية، وسجلات مكالمات طواريء…ونوجز البقية بوجود اشكاليات تخص مواد الصلح،والحماية،والواجبات الخاصة بالشرطة والأدعاء والهيئات الرسمية المسؤولة عن تنفيذ القانون، شخّصها المعنيون بالقانون ما يستوجب الأخذ بما تتضمنه هذه الورقة من توصيات.في الحلقة القادمة..ابعاد العنف التي لم يتطرق لها القانون.{ مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية