في حوار مع شاب مريض باضطراب ثنائي القطب وهو الإسم العلمي لما يصفه المشعوذ بأنه (مس من الجن)، وجدته مؤمنا أشد الإيمان بأن السحر وتسليط الجن عليه هو سبب اضطرابه. ولهذا يعمد أمثاله الى رفض الذهاب الى أطباء او تناول أدوية، لأن علاجهم باعتقادهم هو بفك السحر عنهم.
ولما قلت له "إني لا اؤمن بالسحر
"رد بثبات
- موجود بالقرآن.
قلت - لااؤمن بوجود جن.
رد بثبات
- موجود بالقرآن.
قلت - لا اؤمن بالحسد.
رد بثبات - موجود بالقرآن.
يا اهل الخير حاولوا إنقاذ شبابنا من هذه الخرافات. بالتأكيد لهذه الكلمات (الحسد - السحر- الجن) تفسيرات أخرى، لأنه بالعقل المجرد، لو كان للساحر أن يقوم مقام الخالق بالتأثير على مصائر البشر، فماذا يفعل الخالق؟ وإذا كان هناك جن يسرح ويمرح حولنا ويدخل اجسادنا، فماهو عمل الخالق؟ وإذا كان للحاسد أن يميت ويحيي فما هو عمل الخالق؟
إذن لمن رباه اهله ومجتمعه على الإيمان بهذه الأوهام فلن يشفيه إلاّ مشعوذ بهيئة كاهن او شيخ لإخراج الجن من جسده (بالتعاويذ والضرب) أو لرد السحر على الساحر. لهذا يزداد المجتمع جنونا ويزداد المشعوذون ثراءً.
ويبدو أن المجتمع البشري منذ القدم تعود أن يسمي الاضطراب العصبي والنفسي حسب أهواء ذوي المصالح، فمن (يسمع اصوات تكلمه او من يرى هلاوس) فهو واحد من اثنين: إما مسه وسواس الشيطان وتلبسه جن أو أن الخالق يكلمه ويوحي اليه.
في عصرنا الحديث تطورت التفسيرات، بسبب افلام الساينس فكشن، فمن هؤلاء المصابين باضطراب الفصام بكل انواعه قد يقول لك إن عصابة من تحت الأرض خطفته وهو نائم ووضعت في رأسه شريحة، وإن اصوات في الموبايل تتحكم به وتوحي إليه.
الشاب الذي كنت احاوره، كان يؤمن بالخرافتين: إن احدهم دفن له سحراً في مقبرة، وفي الوقت نفسه دسَّ له أحدهم شريحة في دماغه.
(ماكو فايدة) يعني (مفيش فايدة). ماهو الحل في هذه الحالة؟ نستعين بحفار القبور، ليبحث لنا عن السحر المدفون أو ايلون ماسك، ليمسك لنا الشريحة ويخرجها من تلافيف الدماغ؟