مشرقات / خاص :
تختلف المفاهيم من مجتمع الى آخر من حيث القرارات التي تخص زواج الفتيات التي لم تكن ظاهرة للعيان في زمن مضى الاّ اذا كانت الفتاة تقوم برعاية أحد الوالدين او كلاهما وقد بلغا من العمر مبلغاً يجعلهما بحاجة الى الرعاية التامة لعجزهما التام بسبب المرض وكبر السن . وكان هنالك أيضا سبب آخر ظهر لدى العوائل الغنية التي كانت تنظر بعين الريبة لكل من يتقدم لطلب يد فتاة العائلة حيث يخشون انه طامع في مالهم وكانوا يتصورون أنهم يحمون مالهم ولكنهم لم يكونوا يحمون بناتهم من أن يفوتهن قطار العمر .
أما اليوم وبتطور سبل الحياة ودخول البنات الجامعات والتسابق في الحصول على اعلى الشهادات العلمية الماجستير والدكتوراه بعدها التخصص وغيره من الامور ومباهج الحياة والغرور الذي يصيبها لهذه المكانة وغضاضة الشباب والجمال كلها تجعلها أموراً تعوق ارتباطها بزواج يقيدها ويحد من حركتها في المجتمع- على حد تصورها طبعاً ، واليوم الذي تنضج وتنظر الى الامور بعقلانية يكون قد عبر العمر بها الى ما لا يقبل بها الكثيرون الذين يبحثون اليوم ولا زالوا مثل السابق الفتاة التي تصغرهم عشرين أو ثلاثين عاما ولا يكتفون بذلك بل يطلقون اسم (العانس) على التي تجاوزت سناً معينة يقرب من الاربعين . وهنا .. نقف ونتأمل من تنتهي من طموحها في الدراسة وحاجتها النفسية في أن يبقى الإطراء والمعجبون حواليها وتصل الى حقيقة انها تعيش فراغاً قاسياً خصوصا عندما تقارن حياتها بأخريات - حتى اخواتها - اللاتي تصرفن بواقعية وعقلانية وتعيش الواحدة منهن حياة هانئة مع زوج يحرص على الحفاظ على حياتها ورعايتها بحب وأطفال مثل الورود يملؤون الكون فرحا وبشارة أما م تلك المكانة الوظيفية أو الدراسية التي سرقت منها احلى لحظات العمر ، بناء أسرة وقيادتها يداً بيد مع شريك الحياة مستغلين تساهل الاهل بعدم الاكتراث في اتخاذ قرارات مصيرية مثل الزواج الذي هو سنّة الحياة وتنظيم رباني من خلال كتبه ورسله وعدم البقاء امام الذئاب البشرية الجائعة للتطاول طمعاً فيهن لان ليس لها أسرة وزوج وأولاد يكون حائلا وسداً منيعا للوقوف بحزم اما هذه المطامع . هذا كل ما ذكرناه عن إبنة المدينة، أما القرى والريف والحياة العشائرية التي يكون فيها القرار مركزيا جماعياً حاسماً وحازماً حيث للاسرة والاهل ، فلا تقلق الفتاة ولا تخشى - العنوسة - ولا تعجبني هذه التسمية القاسية لأن البنت في سن مبكرة يتم تزويجها واعدادها لكي تكون راعية بيت من الطراز الممتاز تخبز وتعمل في الحقل ولا تشكو من ضيافة العشرات وجلسات السمر وتبقى تعّد الزاد والشاي وهي فخورة بذلك ، كما تقل عند هذه المجتمعات فرص الطلاق لأن الامر يكون بيد الكبار ولا تمرد لاوامرهم التي تصون الدار وتبعد عنها شبح الافتراق الاّ ذلك الذي يسمونه - زواج الكصة بكصة - الذي ايضا اصبح قليلا هذه الايام.. على الفتيات تسخير الثقافة لفائدة حياتهن بقرارات صائبة ..الثقافة ليست شهادة فخر وتباه ولا سيارة تقودها في الشوارع وتزهو بمعجبيها الذين يبعدون عنها لو تجاوزت سنّاً معينة ليجروا وراء أخرى تصغرها بسنوات. ولنا وللاعلام والنخب الثقافية واجب أخلاقي للتوعية ودق ناقوس الخطر للغافلات عن أمور الدنيا والدين .