17 Jun
17Jun

مجلة سماء الأمير ـ خاص:

التسامح من صفات الفرسان، لأنه يحتاج الى شجاعة حقيقية مثل الاعتذار تماماً. والانسان في ظروف تسيده للمواقف وامساكه بزمام الامور لا يتمكن بسهولة من العفو عمن اساء اليه ، الا اذا كان صاحب شخصية فريدة ذات طراز خاص. 

ومن يفتح صفحات التأريخ يجد ان اعظم من تسامح مع اعدائه هو رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، ومن بعده اهل بيته الطيبين الطاهرين الذين ضربوا اروع الامثلة في الصفح عمن اساء اليهم .. رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) قال للمشركين بعد فتح مكة: (اذهبوا فانتم الطلقاء)، وبعد ذلك بسنوات طويلة طلب الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ) لقاتله شيئاً من اللبن وناشد اصحابه ان يعاملوه برفق ولا يخيفوه وأن يكون القصاص ضربة بضربة. 

ولا شك ان التسامح اعلى مراتب الأخلاق الحسنة التي أكّد عليها الإسلام كثيراً، واعتبره العلماء من الفضائل ، وما يقابله في الاتجاه المعاكس من التشدّد والتعنّت لا يعد الا من اقبح الرذائل. 

المؤمن الحقيقي يجب ان يروض نفسه على التسامح باعتباره سلوكاً فريداً يسمو بصاحبه الى اعلى درجات الخلق الرفيع، وان يكون على ثقة تامة بانه ان تسامح مع الناس في الدنيا، فان الله سبحانه وتعالى سيسامحه في الآخرة ويدخله جنات النعيم وبساتين الخلد. 

ترويض النفس على التسامح أمر قد لا يحصل للإنسان بسهولة ، بل لابدّ من ممارسة طويلة ، تبدأ من الأمور الصغيرة التي يسهل على النفس التسامح فيها إلى أن يصبح الانسان قادراً على التسامح في الأمور الكبيرة والجليلة. 

ولا شك ان أفضل فترة في حياة الإنسان لبناء التسامح ضمن اركان شخصيته ، هي فترة الشباب ، لأن المرء كلما شاخ اصبح من الصعب عليه بناء نفسه أكثر من ذي قبل، وهذا هو القانون الحاكم على النفس الإنسانية. 

وقد يسأل سائل: مع من يكون التسامح ؟ والجواب هنا واضح لا لبس فيه وهو أنّ التسامح مع الجميع أمر مطلوب ، سواء مع مَن هو أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلق، نعم يُستثنى من ذلك الكافر المحارب الذي يعيش حالة حرب مع المسلمين، فلا يحسن بالمسلم أن يكون رحيماً به، متسامحاً معه، بل ينبغي أن يكون شديداً عليه. 

ما احوجنا اليوم الى تنفيذ مبادئ التسامح مع اخواننا واخواتنا وازواجنا وزوجاتنا وابنائنا وجيراننا وزملائنا في العمل ، ومن المؤكد ان من يستطيع بقلب صاف ان يسامح الاخرين عن اساءات ارتكبت ضده، فانه قطعا سيشعر بسعادة ذات طعم مختلف يرتقي الى درجات من الكمال والرفعة، انا متسامح .. اذن انا راض وسعيد..

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة