امتاز تدريب الصحافيين أونلاين حول خطاب الكراهية وكيفية مكافحته، الذي نظّمه منتدى باميلا هوارد لتغطية الأزمات العالمية التابع للمركز الدولي للصحفيين، بالشراكة مع معهد التنوع الإعلامي ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، بمعلومات نوعية مهمة للحد من خطاب الكراهية الذي بات واضحاً في حياة الأشخاص والشعوب والدول.
نقدم هنا ملخصاً لأبرز المعلومات والمهارات المعروضة في الجلسات الثلاث للتدريب الذي قامت به المدربة سارة حطيط، لعدد كبير من الصحافيين من مختلف الدول العربية، ابتداءً من 29 من كانون الثاني 2024 وانتهاءً في 13 من شباط 2024، وتحت عناوين : خطاب الكراهية وآلية التعرف إليه، خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، خطاب الكراهية وحماية حقوق الآخرين.
خطاب الكراهية هو "أي نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، وبعبارة أخرى، على أساس الدين أو الانتماء أو الجنسية أو العرق أو اللون أو النسب أو النوع الاجتماعي أو أحد العوامل الأخرى للهوية".(المصدر: إستراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية).
يتوزع خطاب الكراهية بين ثلاثة مستويات: ـ الوطني، كترسيخ الميول الطائفية مثلاً، والإقليمي،كظهور داعش، والدولي، كالكراهية تجاه المسلمين والمهاجرين.
يزداد العنف مع تصاعد الخطابات السياسية التحريضية، وتعد السلوكيات العنيفة جرائم جنائية، دافعها التحيز، وتستهدف أشخاصاً أو مجموعات أو ممتلكات. وغالباً ما يجري استهداف ضحايا جرائم الكراهية بسبب العرق والأثنية، وتوجيه الأكثرية خطاب كراهية ضد الأقلية.
الإكزنوفوبيا: رهاب الأجانب وهو الخوف أو الكراهية تجاه الأجانب أو الغرباء، وتمييز أوعداء تجاه الأفراد الذين يعتبرون غرباء أو أجانب عن الثقافة أو العرق أو الجنسية.
المواد العنصرية والمعادية للأجانب تعني أي مادة مكتوبة أو أي صورة أو أي تمثيل آخر للأفكار أو النظريات، التي تدعو أو تروج أو تحرض على الكراهية أو التمييز أو العنف ضد أي فرد أو مجموعة من الأفراد على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، وكذلك الدين إذا اُستخدم كذريعة لأي من هذه العوامل .(المادة 2ـ1) من بروتوكول مجلس أوربا بشأن الجرائم الألكترونية، الكراهية عبر الأنترنت.
الإسلاموفوبيا: رهاب الإسلام في بعض المجتمعات بعد حوادث إرهابية تنسب إلى بعض الجماعات الإرهابية المنحرفة، ومن نتائج الرهاب التمييز في مجالات التوظيف أو التجارة بسبب الخوف منهم.
ـ الإنذار المبكر: علامات مبكرة لخطاب الكراهية، خلق مجموعات ديناميكية "نحن" مقابل "هم"، استخدام توصيفات سلبية وانتقاد الأفعال السلبية.
ـ العنف والتحريض: دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية، وتأجيج التوتر والصراعات العنيفة.
ـ تجريد من الإنسانية: خلق صورة سلبية للجماعات الأخرى ككيانات غير بشرية محتقرة، وتبرير أعمال العنف ضدهم.
العلاقة بين البروباغندا وخطاب الكراهية:
ـ تقوم البروباغندا على بث معلومات موجهة وغير مبنية على حقائق، وتضليل الرأي العام، وخلق الشك، كما حدث في الحرب على العراق وغزة مثلاً. ويستخدم خطاب الكراهية لتحقيق ذلك عبارات ومفردات تحقيرية تجاه المجموعات المستهدفة، مثل وصفهم بحيوانات بشرية أو صراصير أو فئران أو جراثيم طفيلية.
يقسم هرم الكراهية وفقاً لرابطة مكافحة التشهير خطاب الكراهية عبر الإنترنت إلى:
ـ الإبادة الجماعية: الفعل أو النية لإبادة شعب بأكمله بشكل منهجي ومتعمد.
ـ التمييز: التمييز الاقتصادي، التمييز السياسي، التمييز في التعليم، التمييز في العمل، التمييز والعزل السكني، التمييز في العدالة الجنائية.
ـ الأفعال المتحيزة: التنمر، الألقاب، الافتراءات/ الصفات، التجنب الاجتماعي، التجريد من الإنسانية، نكات الاستخفاف والتحيز.
ـ المواقف المتحيزة: الصور النمطية، الملاحظات غير المتعاطفة، الخوف من الاختلافات، اللغة غير الشاملة، العدوان المصغر، تبرير التحيزات بالبحث عن الأشخاص ذوي التفكير المماثل، قبول المعلومات السلبية أو المضللة/ حجب المعلومات الإيجابية.
يمثل العنف الرقمي أسلوباً أو شكلاً من أشكال خطاب الكراهية، وتعد النساء عرضة للتحرش عبر الأنترنت أكثر بـ 27 مرة من الرجال، وقد تعرضت 60% من النساء مستخدمات الإنترنت للعنف الرقمي وفقاً لدراسة الأمم المتحدة للنساء في منطقة الدول العربية 2021.
الأشكال الرئيسة للعنف الرقمي:
ـ مشاركة الصور بلا موافقة، والتنكر عبر الإنترنت، والتنمر الألكتروني، ومشاركة المعلومات الحساسة، والتحرش الإلكتروني.
*****
التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير، بل يعني منع تصعيد خطاب الكراهية من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة، لاسيما التحريض على التمييز والعداوة والعنف، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي. (أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة 2019).
يمكن التصدي لخطاب الكراهية بعدة مستويات:
ـ معاهدات دولية، على الصعيد العالمي.
ـ قوانين وتعديلات، على الصعيد المحلي.
ـ برامج وتدريبات: الأفراد وبناء أفكار جديدة.
ـ محتوى لقاءات ونقاشات: إنتاج محتوى مختلف، صياغة خطابات بناءة، لغة توصيف محايدة.
• تحظر معاهدات حقوق الإنسان الخطاب المسيء، عندما يشكل خطراً أو تهديداً للآخرين. الخطاب الذي يعتبر ببساطة مسيئاً ولكنه لا يشكل خطراً على الآخرين بشكل عام لا يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان.
• يصبح خطاب الكراهية انتهاكاً لحقوق الإنسان إذا كان يحرص على التمييز أو العداء أو العنف تجاه شخص أو مجموعة محددة على أساس العرق أو الدين أو عوامل أخرى.
• ينص القانون الدولي على حق الفرد في حرية الرأي والتعبير، لكنه يحظر خطاب الكراهية، ويتمثل هذا القانون بـ :
ـ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وينص على حق الجميع في الحماية ضد أي تمييز وتحريض.
ـ إتفاقية الإبادة الجماعية وتنص على معاقبة من يحرض بشكل مباشر وعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية.
ـ الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، التي تعتبر كل نشر لأفكار تقوم على التفريق العنصري أو الكراهية العنصرية أو التحريض على التمييز العنصري، وكذلك جميع أعمال العنف أو التحريض على مثل هذه الأعمال ضد أي عرق أو مجموعة من الأشخاص من لون آخر، تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.
ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وينص على حظر أية دعوة إلى الكراهية العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف.
• استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية 2019: ـ معالجة الأسباب الجذرية.
ـ تمكين استجابات الأمم المتحدة الفعالة للتأثير على المجتمعات. يحتوي على 12 التزاماً، بما في ذلك دعم الضحايا، والتعامل مع وسائل الإعلام الجديدة، واستخدام التعليم لمنع خطاب الكراهية.
• خطة الرباط (مفوضية حقوق الإنسان) 2012:
تضمنت اختباراً أولياً من ستة أجزاء للتوصل الى إجماع حول التمييز في خطاب الكراهية:
ـ السياق الاجتماعي: أسباب ظهور الخطاب في وقت معين، هل توجد أحداث تاريخية دفعت لظهور هذا الخطاب؟
ـ حالة المتحدث: أهو من حزب معين متطرف؟ أهو شخص مشهور؟ أم شخص عادي؟
ـ النية التحريضية ضد مجموعة مستهدفة: ها توجد نية تحريضية في الخطاب أو إنه مجرد غضب وكلام؟
ـ المحتوى وشكل الخطاب: العبارات المستخدمة في الخطاب.
ـ مدى نشر الخطاب: الى أي مدى انتشر الخطاب؟ على مدى عالمي أم انتشر في منطقة صغيرة أو عدة أشخاص؟
ـ أرجحية الضرر: هل يؤدي وجود هذا الخطاب واستمراره الى صراع ونشوء حرب أم لا.
• ذكرت خطة الرباط قانون التجديف:
التجديف إلى الكلام بشكلب مسيء عن الله أو أي شخصية مقدسة. وتعتبر جريمة يعاقب عليها بالإعدام في عدة دول إسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك في بعض دول جنوب شرق آسيا، لاسيما أفغانستان ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والصومال.
ذكرت خطة الرباط أن قوانين التجديف تمييزية وتؤجج الانقسام وتميز ضد الأقليات والمعارضين، مما يحد من النقاش، وتُحرَم الفئات المهمشة والأقليات من فرصة التحدث أو الاستماع إليها، وترتكب بحقها أعمال عنف من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، كما ترى خطة الرباط أنّ الناس أصحاب حقوق لكن الأفكار أو المعتقدات المجردة ليست كذلك.
• أهمية التمييز بين النقد وخطاب الكراهية:
ـ النقد يبنى على الأفعال والمعطيات، وهو ليس ما نحب وما لا نحب بل هو موضوعي، ومرتبط بمخرجات معينة.
ـ الكراهية تبنى على المشاعر والحاجات، وتكون تجاه الأشخاص والمجموعات، وهدفها تحريضي وتفريق المجموعات، وليس للتحريض أو العنف غاية بناء أو تصحيح.
• الخطاب أو التواصل اللاعنفي:
ـ هو منهج يدعى أيضاً بالتواصل التعاطفي، أنشأه عالم النفس الأمريكي مارشال روزنبرغ، يذكر أربعة معايير لتحديد التواصل، وهي الملاحظة والحاجات والمشاعر والأحاسيس والطلب.
• الذكاء الثقافي:
ـ هو قدرة الشخص على فهم الأشخاص من ثقافة مختلفة والقدرة على التعود بسرعة على بيئة متعددة الثقافات. بمعنى آخر، تساعد هذه القدرة على قبول الأشخاص الذين يختلفون عنا، في تفكيرهم وعاداتهم وسلوكهم وشخصياتهم. إنه يساعد في التصدي للصور النمطية وتجنب خطاب الكراهية.
يحدد الذكاء الثقافي بأربعة عناصر:
ـ الدافع والرغبة: الرغبة في التعرف على الآخر المختلف في ثقافته عنا تعزز المحبة، ولكن حين لا يرغب الناس من ثقافات مختلفة في التعرف على بعضهم البعض، تنشأ العداوة والكراهية المتبادلة وسوء الفهم والصراعات.
ـ المعرفة: معرفة أوجه التشابه والاختلاف بين ثقافتنا وثقافات أخرى.
ـ إستراتيجية: التعرف على ثقافتهم وإجراء العمل من خلال التخطيط والتعاون.
ـ السلوك: الانتباه إلى الكلمات ونبرة الصوت ولغة الجسد.
• خطاب الكراهية.. اختبار من خمس نقاط للصحافيين: يمكن للصحافيين تحليل الخطاب من خلال النقاط الآتية:
ـ موقع أو صفة المتحدث: التدقيق في المتحدثين وتحليل كلماتهم والانتباه في الترويج لخطاباتهم المحرضة.
ـ مدى وصول الخطاب: التكرار والفئة المستهدفة.
ـ أهداف الخطاب: فهم السياق، ما الذي يفيد المتحدث والمصالح التي يمثلها؟ من هم ضحايا الخطاب؟ وما تأثيره عليهم، كأفراد وداخل مجتمعهم؟
ـ محتوى وشكل الكلام: أيحرض على العنف أم يزيد من حدة الكراهية؟
ـ المناخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
• قائمة مرجعية للخطاب اللاعنفي أو الأقل كراهية:
ـ عند التعامل مع القصص التي يتم فيها استخدام خطاب الكراهية السياسي سوف يسأل الصحفيون:
ـ قد يكون الأمر مهيناً، ولكن هل يستحق النشر؟ ما نية المتحدث؟
ـ ماذا سيكون تأثير النشر؟
ـ هل هناك خطر تأجيج المشاعر والتحريض على العنف؟
ـ هل الكلام مستند إلى الحقائق وهل تم اختبار الإدعاءات؟
• عند جمع وتحرير المواد المثيرة للجدل، قبل النشر:
ـ هل تجنبنا الكليشيهات والقوالب النمطية؟
ـ هل سألنا جميع الأسئلة ذات الصلة والضرورية؟ هل كنا حساسين تجاه جمهورنا؟
ـ هل كنا معتدلين في استخدام اللغة؟
ـ هل الصور تروي القصة دون اللجوء إلى العنف؟
ـ هل استخدمنا مصادر متنوعة وضمنا أصواتاً؟
ـ هل يفي بالمعايير المحددة في القواعد التحريرية والأخلاقية؟
• تجنب الصحافي لتعابير ومصطلحات تثير الكراهية أمر مهم في مكافحة الكراهية نفسها. كالصراع المسيحي الاسلامي وكأن هناك صراعاً حتمياً بين الأديان.
• الانتباه الى وصف الشخص في الحدث بحيث لا يثير كراهية أو تخويفاُ .
تضمن التدريب أسئلة وتفاعلات وأمثلة من أحداث واقعية وخطابات لسياسيين وتغريدات لأشخاص، احتوت على خطابات كراهية وأفعال عنف.