في سبيل سيادة ثقافة المحبة ونبذ الكراهية / أ.د.ابراهيم خليل العلاف
في سبيل سيادة ثقافة المحبة ونبذ الكراهية / أ.د.ابراهيم خليل العلاف
03 Apr
03Apr
مجلة سماء الأمير العدد السابع نيسان 2023
(من مقالات حملة المحبة ونبذ الكراهية) التي أطلقتها مجلة سماء الأمير
"أحبوا مبغضيكم"، ما أجمل هذه العبارة التي قالها السيد المسيح عليه السلام .. انها تجسد الروح التي ينبغي أن يتحلى بها كل انسان في تعامله مع اخيه الانسان. والعبارة هذه لاتذهب في اتجاه إلغاء الصراع بين البشر.. هذا الصراع الذي رافقه منذ أن وجد على ظهر هذا الكوكب..إنها تقر بوجود الخير ، والشر، والضياء، والظلام، والقسوة، والرحمة، والحب، والبغض.. لكنها تطلب من الانسان ان يتسامى بغرائزه وببغضه وبحقده وبكراهيته ليغدو كائنا متسامحا عطوفا رحيما محبا نابذا للشر والضغينة.
وجاء الاسلام.. وكان ثورة على الواقع.. ثورة من اجل الإنسان.. وثورة من اجل ازالة العدوان والظلم والعنف والكراهية .. كان مجتمع مكة قبل الاسلام مجتمعا قائما على التفرقة والعنف والظلم والكراهية، وطفق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يدعو الى السلم، ويدعو الى الرحمة، ويدعو الى الحب. ويقينا انه كان يجسد القيم التي تضمنها القرآن الكريم:"ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ".."اذهبا الى فرعون وقولا له كلاما لينا " " فإن الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ".. أي معان انسانية سامية هذه؟ خاطبوا الظالم بكلام لين.. ادعوا الى الرحمة.. ادعوا الى السلم.. انبذوا العداوة.. انبذوا العنف.
لقد انتشر الاسلام بالحب والرحمة والصدق.. وسادت قيمه في اصقاع الارض.. من ادخل مناطق كثيرة من العالم في الاسلام؟ لم يذهب جندي واحد.. ذهب التجار والعلماء والرحالة واعطوا لأهل هاتيك الديار مثالا جيدا في الصدق والاستقامة فأقبل اولئك ودخلوا الاسلام.. بشروا ولا تنفروا. نعم انشروا قيمكم بالكلمة الطيبة الصادقة والكلمة الطيبة الصادقة صدقة.
وعندما دخل البشر عصر الانسانية، وبدأ الاهتمام بالإنسان بالحياة ظهرت القوانين التي تحمي كرامة الانسان وتأتي له بحقوقه التي اغتصبها الطغاة من الحكام وازدهرت الآداب وتطورت الفنون وانعكس ذلك ايجابا على رقته ..اصبح يحس بظلم الآخرين.. اصبح ينتقد حكامه اذا مارسوا العنف والكراهية.. كيف يسوغ انسان لنفسه ان يظلم اخيه الانسان؟ ومن اعطى هذا الانسان الظالم الحق في ان يستعبد غيره ؟ ولماذا الكره ؟ ولماذا الكراهية ؟ ولماذا ظلم الانسان لأخيه الانسان؟
إننا وبعد الاحتلال في التاسع من نيسان سنة 2003 اصبحنا نواجه الكراهية والعنف واختلت نظمنا القيمية وسادت العشوائية حياتنا وضربت الفوضى أطنابها.. اذاً نحن بحاجة الى نقف وقفة صادقة.. وكل من موقعه نقف لنعيد ترتيب اوراقنا ونعيد قراءة واقع حالنا ونبدأ بوضع الحلول اننا بحاجة الى رجال يتمتعون بالرشاد.. أليس بيننا رجل رشيد؟ أليس بيننا من يذكرنا بالقيم النبيلة التي تربينا عليها وهي جزء من منظومتنا القيمية الاسلامية.. الصدق والعمل والنظافة والحب والجمال والاخلاق الطيبة.. تلك هي قيمنا التي ينبغي ان نعود اليها ففيها خلاصنا.
ولكن لابد أن نحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية فالفقر كاد ان يكون كفرا هكذا يقول الامام علي عليه السلام، لننظم اقتصادنا ونجد حلا لمشكلة البطالة، لنجد عملا لشبابنا، وعندئذ يمكن ان نعظهم ونذكرهم بأمجاد ابائهم واجدادهم.
إن ثقافة المحبة تحتاج الى تعليم وتدريب منذ الصغر.. خذوهم صغارا.. لتأخذ الاسرة دورها في ترسيخ قيم المحبة وليعرف المجتمع ان له دورا ولتبدأ المدرسة في ممارسة دورها وعلى اساتذة الجامعة مسؤولية عظيمة تكمن في اجراء البحوث والدراسات لحل المعضلات التي يواجهها مجتمعنا ومنها أسباب " طغيان ثقافة الكراهية وتراجع ثقافة المحبة" ..
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، تلك مهمتنا جميعا ومهمتنا بدون شك مقدسة لأنها تعزز وجودنا الانساني وتسمو بنا الى ان نكون امة لها مكانتها تحت الشمس فلقد كرم الله الانسان وخلقه في أحسن تقويم فلماذا يكره؟ ولماذا يظلم؟ ولماذا يستبد؟ ولماذا يفرق؟ ولمصلحة من؟