تعد المحبة حجر الأساس في بناء علاقات طيبة مع الآخرين، ومنها تتفرع معان وسلوكيات جميلة من التسامح والتعايش والتعاون والايثار واحترام النفس والآخر وكل ما من شأنه تعزيز الروابط الإنسانية وتقويتها بما يصب في حياة فضلة للجميع. نستعرض في هذا الموضوع أهمية المحبة في صنع التأثير الإيجابي كالثقة والسعادة ، والقواعد التي تبنى عليها العلاقات الطيبة الناجمة عن المحبة.
القوة الحقيقية للعلاقات
كثيرون منا يجهلون القوة الحقيقية لعلاقاتنا بالناس من حولنا وكثيرون منا لا يدركون المعنى الحقيقي لطريقة التأثير التي تتركها هذه العلاقات بل ولا يدركون قيمة كسب ثقة الناس ومحبتهم على الرغم من كوننا كثيراً ما نتأثر بأشخاص تمكنوا من كسب ثقتنا وقلوبنا, فكثيراً ما نلاحظ وجود العديد من الاشخاص المؤثرين في مجتمعاتنا الذين يتمتعون بشعبية جيدة في محيطهم الاجتماعي بل ان بعضهم تصل شعبيته الى ابعد من ذلك كما من الممكن ان يكسبوا محبة اشخاص لم يلتقوا بهم من قبل والسر يكمن في الاثر الذي يصنعه كل منهم للمجتمع بل ان كثيراً من الناس يبقى ذكرهم وجميل معروفهم حياً في اذهان الناس لقرون طويلة وذلك بسبب ما تركوه من اثر ايجابي وسيرة طيبة وبسبب مقدرتهم على كسب قلوب الكثير من الاشخاص من حولهم حتى انتشر طيب ذكرهم واستمر سنوات طويلة بعد مماتهم وذلك لأن الشخص المحبوب القادر على كسب ثقة الناس ومحبتهم يتميز بقدرته على التعبير عن نفسه بوضوح دون اي تصنع.(1)
السعادة والعافية
وأجرى فريق من العلماء في جامعة هارفرد واحدة من اشمل الدراسات عن الرخاء العاطفي برئاسة روبرت والدينغر، وحين سئل والدينغر عن نتائج هذه الدراسة اجاب بلا تردد ان العلاقات الطيبة تبقينا سعداء ومتعافين صحياً, وقال ان الاشخاص الذين كانوا الاكثر سعادة في علاقاتهم في الخمسين من العمر كانوا الاكثر تعافياً من الناحية الصحية في سن الثمانين، واضاف الى حديثه قائلا ان العلاقات الطيبة لا تحمي اجسامنا فحسب بل تحمي عقولنا ايضاً, ويقول جاستن بارسيو الكاتب المختص بالذكاء العاطفي ان طريقة بناء علاقات طيبة هي احدى القضايا التي يعالجها في كتابه الجديد وانه راجع في هذا الشأن ابحاثا اضافية لعلماء اعصاب ودراسات اجرتها مؤسسة غالوب واستعان بمحرك البحث العملاق كوكل, وخرج باريسو من كل ذلك بأن العلاقة الناجحة تقوم على الثقة مؤكداً ان لا محبة ولا صداقة ولا علاقة دائمة من غير ثقة, واذا كنت تأتمن احداً على مصالحك ستفعل اي شيء تقريبا يطلبه منك.(2)
قواعد
وهناك قواعد اساسية لبناء علاقات اجتماعية ناجحة، هي:
الابتسامة:
(من لا يبتسم لا يعرف ان يفتح دكاناً)، هذه المقولة تلخص لك اثر الابتسامة, فهي المحطة الاولى عند مقابلة اي شخص كما انها تعطي انطباعاً بأنك شخصاً ودوداً يسهل التعامل معه.
التحدث مع الآخرين:
ابدأ بالحديث مع الناس وعليك بإظهار الود لهم ولا تلجأ الى المناقشات الحادة خلال اللقاء الاول, بل اعرض كلامك بلطف، ومن الممكن ان تتطرق الى الموضوعات العامة التي تبعث المحبة في نفوس الآخرين.
الاستماع الى الآخرين:
الاستماع الى الآخرين امر يبعث السعادة في النفوس, اذ ان الناس تنفر من الشخص الذي ينفرد بالحديث, كما ان تبادل اطراف الحوار علامة مهمة على نجاح التواصل.
البعد عن الكلمات اللاذعة:
مع مرور الايام وبتكرار المواقف الحسنة ستنشأ علاقات صداقة قوية بينك وبين الآخرين. احذر هنا ان تنصح صديقك بكلمات قاسية وصفات ذميمة.
المديح:
من اكثر الوسائل التي تبني جسراً بين الاخرين المديح, تكلم عن الصفات الحسنة في الآخرين لأن هذا يظهر الود والمحبة منك للآخرين ولكن احذر النفاق.(3)
الخلاصة
خلاصة القول اننا لو تمكنا من ادراك القوة الحقيقية للروابط الاجتماعية وما يمكن ان نصنعه من خلال كسب ثقة الناس واحترامهم, سنتمكن من التأثير بطريقة ايجابية في دائرة الناس من حولنا في العمل او العائلة او حتى مع اطفالنا وسنتمكن كذلك من توسيع دائرة تأثيرنا من خلال كسب المزيد من قلوب الناس من حولنا لنساهم بذلك في نهضة مجتمعية من شأنها ان ترتقي بما ستقدمها الاجيال القادمة.(4)
المصادر:
(1) فهد الصقري , محبة الناس تصنع اثراً, صحيفة اليوم, 3/11/2022.
(2) عبد الاله مجيد, حياتنا تعتمد على الاخرين العلاقات الطيبة مفتاح السعادة والصحة واليكم طرق بنائها, صحيفة ايلاف, 23/8/2018.
(3) ماري خميس, 5 خطوات لبناء علاقات اجتماعية ناجحة, موقع صيد الفوائد, 23/6/2018.