كتبت الروائية والمترجمة العراقية المعروفة لطفية الدليمي في صفحتها على فيس بوك، هذه الإشارة (التعايش السلمي الذي عجز عنه البشر طوال تاريخهم حققته الحيوانات فهي لا تطمع بأكثر من الدفء والأمان والصحبة)، ورافقت الإشارة صورة قطة في عش السنونوات.
جاءت الإشارة وكأنها محاكاة لعبارة (القسوة اختراع بشري، الحيوانات لا تعذب بعضها البعض، نحن نفعل ذلك، نحن الكائنات القاسية الوحيدة على هذا الكوكب) للروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل للأدب.
طمأنينة وهدوء
وبين اضاءات ساراماغو والدليمي نحو الحقائق ومرارتها، تظهر مئات الاعجابات وعشرات التعليقات اتساقا مع الإطار ذاته، ومن جملتها ما كتبته نبأ حميد في تعليقها على المنشور قائلة (الطمأنينة والهدوء رفيقهم، الصورة تفهمنا أن قواعد الطبيعة طيعة وقابلة للثني والطي، ويمكن اللعب بها وتغيرها إذا توفرت الإرادة، القطة والكلب تآلفا وعاشا صديقين في البيت نفسه، إلاّ البشر يخلقون العداوة بينهم ويتقاتلون بسبب الطمع والجشع ولأتفه الأسباب).
الجوع والتعايش السلمي
في أحيان كثيرة ينأى الفقر بالبشر بعيدا عن الإنسانية، لذلك قال الإمام علي عليه السلام (لو كان الفقر رجل لقتلته) في إشارة الى خطورة تدني المستوى الاقتصادي وانعكاساته السلبية على الانسان والمجتمع، كما هي الحال الجوع عند الحيوان، اذ يقول سنان حقي الخلف في تعليقه (الغذاء والبحث عن الغذاء هو هم الكائنات المختلفة، فإن توفر لها ذلك امكن تأقلمها مع الكائنات الأخرى، فمثلا حتى الضواري المعروفة كالأسد والنمر يندر ان تمارس افتراس الحيوانات الاخرى حين تكون شبعى ومروضوها يعرفون هذا فلا يمارسون تدريبها إلا بعد ان تأكل وتشبع، وربما تكون بعض الضواري اشرس من غيرها، ولكن الانسان هو الاكثر شراسة فهو يفترس ان كان جائعا ام لا، وقد اكد لي احد المواطنين السودانيين ممن يعيشون مع عدد من الضواري في منطقة واحدة ان الاسد والنمر لا يهاجمان إلا في حالتين وهما الجوع والتقرب من صغارهما فقط).
دروس من عالم آخر
منذ ان ارسل الله تعالى الغراب ليعلم الانسان دفن أخيه، ومازلت دروس من عالم الحيوان تتوالى علينا بين الحين والأخر، فلربما الرسالة التي حملها هذا العش هي تأكيد بأننا مازلنا بحاجة للتعلم، كما ذُكر في التعليقات، فقد قالت ايميلي بورتر في تعليقها (منتهى الحنان والألفة، ترعرعت منذ أيام مولدي مع الطيور والكلاب والقطط إذ اعتبروا في العائلة كأفرادها، وتعلمت منهم الكثير منذ طفولتي وما زلت اتعلم ولا أخجل من اعتبارهم إنداد لنا. كفانا تكبراً). في حين علق حنون ماجد الاسدي (كم عانت القطة حتى وصلت الى هذا العشّ الجميل، لتحظى بصحبة نادرة وربما فريدة.. فلها التصفيق على قدر مشقتها ولكم أجمل التحيات).
اما لقمان السبتي فقد استذكر الطيور كاتبا: (السنونو كان يشاركنا العيش في زوايا الغرف في بيوت البصرة ... أما الآن فقد تم نفيه). وكتبت ناهدة جابر (الجشع أساس البلاء)، فيما علق صباح رحومي على الصورة بأن (الأنسان ارتقى في كل جوانب الحياة إلاّ أن الصراع لم يتحول الى بنا بل الى تدمير)، ووصف محمد باقر المشهد بأنه (تعايش رائع عجز البشر عن تحقيقه)، وقالت سعاد هندي ( مادام هناك ظلم وتمييز بين البشر، فإن السلام بين البشر حلم بعيد المنال)، بينما ذهبت هبة الزبيدي الى القول (التعايش السلمي يجيده جميع الكائنات ماعدا البشر)!! وكتب أحمد زيدان ( صرنا نحسد الحيوانات).
رأينا
وعلى الرغم من المفارقة بين جمال مشهد العش، ودلالاته التي انتقصت من انسانيتنا وسط أجواء من التقبل وكم من التعليقات المؤيدة لمقدرة الحيوانات على التعايش، نرى أن التعايش السلمي الذي حققته الحيوانات سيحققه البشر ذات يوم!!!