مجلة سماء الأمير ـ خاص:
على الرغم من اختلاف معنى التسامح من شخص إلى آخر إلاّ إنه يعني بصفة عامة إتخاذ قرار متعمد بالتغاضي عن الشعور بالاستياء والغضب، وفي الوقت ذاته لايعني ذلك نسيان الضرر الذي تعرضت له أو التجاوز عنه، بل إنه أداة لتنظيم المشاعر والسلوك الإنساني والارتقاء به، لجلب الشعور بالراحة التي تتيح التركيز على النفس وتحسين الصحة، والاستمرار في الحياة براحة بال.
وقد يؤدي العفو والتسامح بالفرد إلى بناء علاقات صحية وتحسين الصحة العقلية، اضافة الى الحد من القلق والتوتر والعدائية وتقليل أعراض الاكتئاب، فضلا عن خفض ضغط الدم، وتقوية جهاز المناعة وتحسين صحة القلب. اما من الناحية الاجتماعية فإن ثقافة التسامح كما تشير الدراسات الاجتماعية، تعمل على إزالة الحقد والكراهية الموجودة في ضمائر البشر والابتعاد عن العنف والجريمة، فضلا عن انها تُنمي روح المواطنة والديمقراطية بين الافراد، كما تضمن القدرة على تنمية الثقافة الدينية والاجتماعية وتقوية العلاقة الاجتماعية بين الافراد، وكذلك القدرة على نبذ التعصب والتشدد، اضافة الى انها تجعل الافراد يودون ويحبون بعضهم البعض في علاقاتهم الاجتماعية مما يساهم في نشر الاحترام والتعاون والتبادل في حل جميع المشاكل التي تؤدي الى زعزعت علاقاتهم الاجتماعية، بالتالي فهي الطريق الى الشعور بالسلام الداخلي والسعادة والشعور بهذا السلام يتيح العيش بحياة اجتماعية خالية من مشاكل الحروب والنزاعات والصراعات التي تحدث بين الأفراد.
ومثلما تحقق ثقافة التسامح التآزر والمحبة والتعاون والألفة والانسجام، فإن حصول خلل في طبيعة قيم المسامحة لدى الافراد سيؤدي إلى تكوين الشخصية المضطربة، وبالتالي فإن الشخصية المضطربة تصبح بنيتها أكثر تفككا واستعدادا لتشرب القيم السلبية، وذلك بدوره يؤدي إلى حالة من التذبذب على مستوى الانتماء الثقافي، وهو مايفرض حالة من الانعزال عن المجتمع وبالتالي يصبح مغترباً عن واقعه الاجتماعي والديني والثقافي.
وهنا لا بد من القول إن مسؤولية التربية التسامحية تقع على كاهل المجتمع والمدرسة في آن واحد، ويجب علينا أن ننظر إلى هذه التربية التسامحية بوصفها حياة حيّة وفاعلة يعيشها الأفراد في كل لحظة من لحظات وجودهم وحياتهم الاجتماعية، ومع أهمية الجانب الاجتماعي لتربية التسامح فإنه يجب علينا أن نقول إن المدرسة مع ذلك تمثل المكان الحيوي الاستراتيجي لضمان هذا النمط من التربية على التسامح، فالتربية على التسامح يجب أن تكون مسؤولية المدرسة بالتحديد لأنها المعنية بإعداد الأفراد للحياة في المجتمع وأن تعلمهم معنى المواطنة ودلالاتها.
ومن اجل تحقيق ثقافة التسامح هناك جملة من التوصيات، اهمها: ـ
ـ ضرورة معالجة المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الشخصية العراقية، والعمل على إزالة الفوارق بين الجنسين سواء في المستوى الثقافي او الطبقي من اجل بث أسس روح المحبة والتسامح في نفوس الافراد وتقوية أواصر العلاقات الاجتماعية بين الافراد.
ـ الحث على العفو وتقديم الاحترام للآخرين وعدم الانتقام وقلع جذور الحقد والعدوان والكراهية من نفوس الافراد.
ـ توجه الإعلام نحو تعزيز ثقافة التسامح في المجتمع لخلق وعي محب والحث على التمسك بكيان المجتمع ووحدته وقيمه. والقيام بمراجعه شاملة لمحتوى المناهج الدراسية وتطويرها بما يمكننا من مواجهة آثار العنف الاجتماعية على حقوق الافراد.
ـ ضرورة أن تتولى المؤسسة الدينية ترسيخ ثقافة التسامح من خلال الخطب الدينية والمحاضرات والمناسبات من اجل تعريف دول العالم بالإسلام الإنساني.
اعتمد معد الموضوع على المصادر الآتية:
(1) ثقافة التسامح ودورها في تقوية العلاقات الاجتماعية، علاء محمد ناجي المنشور، موقع مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية.
(2) الصفح: التخلي عن الشعور بالضغينة والمرارة، موقع مايو كلينك الصحي.
(3) فن التربية على التسامح، علي أسعد وطفة، موقع وطفة.