مشرقات / خاص :
من النساء العراقيات الرائدات، إنسانة فاضلة قبل أن تكون كاتبة، وقاصة، ومترجمة، ومقدمة برنامج متميز لاتزال تأثيراته قائمة على أجيال كاملة. إنها ابتسام عبدالله الدباغ لمن يريد أن نذكره ولدت في كركوك سنة 1945، وتنقلت بحكم عمل والدها العسكري بين الموصل وكركوك، وتلقت دراستها الابتدائية والمتوسطة والإعدادية ثم دخلت "معهد المدرسين العالي "ببغداد – قسم اللغة الانكليزية، وتخرجت سنة 1964. عينت في المؤسسة العامة للصحافة سنة 1968 وتولت مسؤولية قسم المتابعة كما انتقلت للعمل في تلفزيون العراق وشغلت مناصب مهمة وتدرجت من مترجمة إلى رئيسة قسم الأخبار والترجمة.
ذكر مؤيد البدري في مقالة له انه عرف ابتسام عبدالله منذ سنة 1964 عندما جاءت إلى التلفزيون وعينت بوظيفة مترجمة ومسؤولة عن قسم الأفلام، وكانت دؤوبة في عملها الذي يتطلب متابعة جادة وترجمة للأفلام الأجنبية التي تصل إلى التلفزيون وحلت محل "ايفن فينكس"، الذي كان مسؤولا عن هذا القسم قبلها.
وقدمت أول الأمر برنامجا بعنوان "نافذة على العالم" ثم تميزت ببرنامجها الأثير "سيرة وذكريات"، الذي كانت تستضيف فيه شخصية فكرية أو ثقافية أو فنية وتتحاور معه حول المحطات البارزة في حياته، ويستغرق البرنامج قرابة الساعة. وقد أثبتت أنها محاورة ممتازة إذ كانت على اطلاع بمجريات سيرة وحياة من تحاور.
وأتذكر أنني عملت في جريدة "الجمهورية" في بداية السبعينيات كاتبا بالقطعة، وكنت أراها كثيرا في غرفتها حيث عملت محررة ومترجمة في الجريدة أو في غرفة ماجد السامرائي مسؤول صفحة "آفاق" الشهيرة.
وابتسام عبدالله (ام خالد) زوجة الإعلامي العراقي المعروف أمير الحلو. وفي سنة 1969 أصبحت محررة ومترجمة في مجلة "ألف باء" الأسبوعية ثم استقرت وحتى سنة 2003 محررة ومترجمة في جريدة "الجمهورية".
أصدرت ابتسام عبد الله في سنة 1984 قصة وثقت فيها أحداث الموصل سنة 1959 والتي وقعت اثر فشل الحركة المسلحة التي قادها العقيد الركن عبدالوهاب الشواف ضد نظام حكم الزعيم الركن عبدالكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية آنذاك، وكانت قصة مهمة عنوانها "فجر نهار وحشي"، وقد لاقت ردود فعل متباينة في حينه إلا أنني – كمؤرخ – أعدها من الروايات التاريخية التي وثقت صفحة مهمة من تاريخ الموصل الحديث والمعاصر. وفي سنة 1986 أصدرت رواية بعنوان "ممر الى الليل".
ولابتسام عبدالله كم كبير من المقالات التي نشرتها في الصحف والمجلات العراقية والعربية. كما برعت في الترجمة ومن كتبها المترجمة "يوميات المقاومة في اليونان" والذي ترجمته بالتعاون مع أمل الشرقي. كما ترجمت كتاب إنجيل ديفز الموسوم "سيرة ذاتية" وكذلك ترجمت كتاب "في انتظار البرابرة " لمؤلفه ج. م. كوتزي.
وتعد ابتسام عبدالله من أبرز وأقدم أعضاء الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وهي عضو في الهيئة الإدارية لنقابة الصحفيين العراقيين ولثلاث دورات متتالية امتدت من سنة 1984 وحتى 1990.
وقد نقل عنها حميد المطبعي في "موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين" قولها عن فلسفتها في الحياة إنها تحرص في حياتها على أن "تحول الذعر في لحظات إلى طمأنينة"، ولها رأي مشهور وهو ان الرجل لا يبدو دائما أكثر ذكاء من المرأة لأنه ومنذ البدء احكم الحصار حولها وجلس مستريحا.
يقول مؤيد البدري عنها: "إنها تتسم بالذكاء والرقة وحسن التعامل مع الجميع فلم تكدر أحداً طوال عملها فى التلفزيون، بل على العكس من ذلك كانت تمد يد العون للجميع لذلك نالت احترامهم وتقديرهم. كما كانت ولا تزال دائمة الابتسامة"
أ . د. إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل