مشرقات / خاص :
من المعروف ان المراهقة هي المرحلة العمرية الممتدة بين الطفولة والنضج ، وتختلف هذه المرحلة من شخص الى آخر ومن بيئة الى أخرى من حيث الجنس والتنشئة الاجتماعية كل حسب مجتمعه..
كل واحد منا مر بتلك المرحلة الصعبة التي مرت بسلام عند بعضنا في حين احدثت شرخا عانى منه البعض الاخر ماتبقى من حياته..
ومما لاشك فيه ان هذه المرحلة تعد من اخطر المراحل العمرية لما لها من تأثير على شخصية المراهق/ة ، فهي المرحلة التي تشهد ثورة فسيولوجية ونفسية تحدث اضطرابا ملحوظا عند المراهق/ة اذا لم يتم التعامل معها بحكمة فانها كفيلة بأن تترك آثارها السلبية فيما بعد..
ان المراهق/ة في هذه المرحلة يكون حساسا جدا تجاه المواقف والعبارات الموجهه اليه،اذ يقوم بتأويل اي كلمة او نصيحة حسب مزاجه ، فتراه تثور ثائرته عند توبيخه او توجيه نصيحة ما اليه،اومطالبته بالدراسة،او الاقلاع عن ظاهرة جديدة عليه كالملابس الغريبة التي يعتبرها موضة،او قصة الشعر،او النطق بكلمات سوقية تحت اي بند،اوالاصرار على صديق يراه الاهل غير مناسب،وهكذا،فتراه يخترع الاكاذيب لتمرير موقف ما بل ويصر على ان تصرفه صحيحا والآخرين كلهم على خطأ..
ومن هنا تبدأ العقدة التي تتطور الى مشكلة ثم الى معضلة في ظل اصدقاء السوء الجاهزين دائما لإسداء النصائح الهدّامة وجعله يشعر بأنه مضطهد من قبل اهله وان عليه التمرد لإثبات شخصيته وبأنه لم يعد طفلا حتى وان كان ذلك برفع صوته اوفعل اي شئ يثبت به وجوده كالتهديد بترك البيت او ايذاء نفسه وقد يتفنن في هذا الامر بوجود الوجه الآخر للانترنت الذي يجد المراهق/ة فيه ضالته لإقناع نفسه حتى وإن كان مخطئا،ناهيك عن ان مدة اصغائه واستيعابه للنصح لاتتعدى العشر دقائق بعدها يبدأ بالتذمر واشغال نفسه بأي امر ، اي انه يتصرف كحاضر غائب يتظاهر بالاستماع في حين انه شارد الذهن يرتب لامر ما في ذهنه ،اي حجة للخروج ،اختلاق كذبة ما ،اوالتمارض كي لايؤدي الامتحان وهكذا..
ان التعامل مع المراهق/ة امرا ليس سهلا ابدا بل يتطلب حكمة وصبرا وموضوعية ونفسا طويلا لاحتوائه ،وذلك يتم عن طريق:
1- مصادقة المراهق/ة من قبل الابوين واحتواؤه باسداء النصح عن طريق الايحاء وليس مباشرة،وان يكون تحت انظارنا من بعيد او من قريب.
2ه -الابتعاد عن مقارنته باقرانه لأن ذلك يشعره بالنقص.
3-عدم توجيه الانتقاد اللاذع لاسيما امام الآخرين لأن ذلك يكسر نفسه ويجعله يشعر بالخجل.
4-الاستماع اليه ومحاولة مشاركته مشاكله مهما كانت ،واشعاره بأن هناك ملاذا آمنا يمكنه الرجوع اليه حتى وان كان مخطئا لحل مشاكله لئلا يقع في اخطاء كبيرة يتعذر عليه حلها بمفرده.
5-معاملة جميع الاخوة والاخوات بالمعاملة نفسها دون اي فروق ، فالخطأ الكبير الذي يقع فيه الابوان ،حين يجلان الابن الكبير ويبالغان بتدليل الصغير ،وتلك مشكلة كبيرة تؤثر سلبا في نفس المراهق/ة.
6-اعطاؤه مساحة من الحرية المشروطة،والابتعاد عن الضغوط الخانقة التي تقوده فيما بعد الى التمرد والثورة.
7-اعطاؤه ثقة مع مراقبته من بعيد اي اننا نعطيه ثقة وان كنا لانعتمد على تلك الثقة،لكن علينا ان نشعره بأنه مسؤول عن نفسه التي هي وديعة عنده لكي نعززفيه الثقة بنفسه وبالآخرين.
8-خلق وتشجيع موهبة ما يجد فيها متنفسا له في اوقات فراغه وقد تعود عليه فيما بعد بالنفع وتكون مصدردخل ثان يعتمد عليه في حياته..
واخيرا ان تنشئة الطفل من البداية تنشئة صحيحة قائمة على الاحترام المتبادل والثقة حتما ستمتد الى مراحل المراهقة والنضوج فيما بعد،اي
ان نجعل نفسه تمنعه من الخطأ والانحراف ،بتعزيز الوازع الديني والاخلاقي عنده منذ الصغر لأن"التعلم في الصغر كالنقش على الحجر" وذلك بزرع قيم الفضيلة عنده وبذلك نكون قد حصنّاه ضد كل انواع الرذيلة،قال تعالى"ونفس وماسواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دسّاها"..الشمس