08 Dec
08Dec


"الرجل الذي يعامل المرأة على أنها ملكة دليل على أنه تربى على يد ملكة أخرى"..شكسبير

تسعى المجتمعات الشرقية الى تقييد وتحجيم دور المرأة وإعادتها الى عهود موغلة في القدم تبيع وتشتري بحرية وكرامة المرأة ، مع أن الإسلام كرمها وأغدق عليها الحقوق لتكون مصدر إشعاع وإلهام في الأسرة أولا والمجتمع ثانيا، لكن للأسف الشديد فما زالت هناك ترسبات من عهود خلت تحمّل المرأة -الزوجة- أعباءً وأحمالاً لاتطاق تحت عدة ذرائع الغرض منها هو إذلال المراة ثم سد النقص عن طريق إذلالها..

ومن هذه العادات تسلط "الحماة" على الكنة واعتبارها ملكا صرفا مما ملكت يمينها ويمين ابنها، فتبدأ بممارسة كل أنواع القهر بكل ماأوتيت من قوة لتسد نقصها وتصل حد الإشباع - هذا إن وصلته - ، فلاتفتأ أن تتداول الألفاظ النابية من شتم وسب ولعن مستغلة أن "الكنة" لن ترد عليها أما لأن اخلاقها تمنعها من ذلك او لخوفها من الزوج الذي يفتك بها ، خدمات على مدار اليوم ، حرمانها من حقوقها الزوجية والإنسانية تصل الى حرمانها من الدراسة والعمل والخروج وقد تصل الى منعها من زيارة أهلها ، عد الأنفاس عليها ومنعها حتى من الإدلاء برأيها ، أضف الى ذلك التعنيف الجسدي الذي تتلقاه من زوجها الذي لم يرمش له جفن وهو يرى كرامة زوجته تهدر بهذا الشكل..

هذه المخلوقة المغلوبة على امرها المستسلمة لقدرها في سبيل تربية أبنائها ، تجد نفسها فريسة من قبل زوج لايحترم الحياة الزوجية وقدسيتها وحماة تكيل لها الكيل بمكيالين ، وقد نسيت تماما أنها كانت في يوم من الأيام كنةً أيضا وربما كانت تطبق عليها الأحكام نفسها او شيئا منها ، وبدلا من أن تستوعب هذه الكنة كإبنة لها تبدأ باستخدامها كأي مستخدم وبلا رحمة لأنها تحمل لقب"كنّة"، فمالاترضاه على ابنتها بل وتقاتل من أجل إسعادها وتذليل الصعاب من أجل تيسير حياتها ، ترضاه وبكل الرضى لكنّتها مبررة ذلك بالعادات والتقاليد البالية التي ورثتها..

إذا نظرنا نظرة تفحصية لكل شرائح المجتمع سنصل الى حقيقة مفادها أن الثقافة تلعب دورا في حياة الأفراد والمجتمعات ، وأن ثقافة المرأة هي الوتد الذي تقوم عليه الحياة ، فلو كانت الأم – الحماة - على مستوىً من الثقافة وإن كان بسيطا ومستوىً من التدين الذي ينهى عن إذلال الإنسان لأن "الدين معاملة وليس طقوساً" لما وقعت ببراثن السوء والإساءة لهذه الإنسانة التي أنيطت بها مسؤولية إدارة أسرة من زوج وأولاد ، كيف تديرها وهي تتعرض في كل لحظة لكل أنواع العنف المادي والمعنوي من قبل الزوج والحماة ، وقد يشاركها أفراد  آخرون  مثل بناتها اللائي يمارسن الدور نفسه وأبنائها وزوجها - أب الزوج - ، فتجد الزوجة نفسها فريسة والكل يتحكم بها بلا استثناء، بل أنها تعجز أن تجد الجهة المركزية التي تكون تابعة لها لتأخذ أوامرها منها، هذه الازدواجية بالتعامل والتشرذم في ممارسة الأدوار يخلق آفات اجتماعية لاحصر لها وعقدا وشروخا في نفس الزوجة وأطفالها فيما بعد ، بل وإن أحد أسباب الطلاق والتي بدأت تنشط في الآونة الأخيرة في مجتمعاتنا هو تسلط الحماة واهل الزوج وتحكمهم بكل تفاصيل الحياة لاسيما إذا كان الابن –الزوج - مطيعا الى حد الثمالة ملبيا رغباتهم"الجائرة" بلا قيد او شرط متناسيا كل حقوق السماء تجاه زوجته وأم أطفاله ، هذه الخروق والعادات غير السوية تؤدي الى خروقات نفسية ومجتمعية لاتحمد عقباها، وتشير الاحصائيات الى ارتفاع حالات انتحار النساء بسبب العنف الأسري الذي يسببه الجور والقهر من قبل الزوج وأهله..

لابد من وضع حد لانتهاكات حقوق المرأة من خلال منظمات المجتمع المدني وسن قوانين تمنع الإساءة الى المرأة وإيقاف تعنيفها وإتخاذ إجراءات رادعة لذلك ، وتوفير ملاذ آمن لها ولأطفالها في حال تعذرت حياتها في بيت الزوجية ، وللدول المتقدمة باع طويل في ذلك..

ولتكن لنا في رسول الله اسوة حسنة حيث قال"إنما النساء شقائق الرجال ماأكرمهن إلاّ كريم ولا أهانهن إلاّ لئيم"..


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة