13 Apr
13Apr


ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

رحم الله ذلك الشاعر الذي قال : ( أطفالنا ...أكبادنا تمشي على الارض ) ، والاطفال الذين أقصدهم ، ليسوا فقط اولئك الذين انتسلوا منا بل كل الاطفال في مدينتنا الحبيبة الموصل وفي بلدنا الحبيب العراق وفي عالمنا الكبير الفسيح .

وقد قال علماء النفس وعلماء التربية إن شخصية الانسان تتشكل في السنوات الخمس الاولى من حياته ...وهكذا فالطفل هو – بحق – (ثروة الحياة ) ، وواجب علينا العناية به ومعرفة ميوله ورغباته واكتشافها منذ وقت مبكر .

والعناية بالطفل ورعايته علم ...نعم علم ، يحتاجه المرء سواء أكان أبا أو أما أو جدا أو جدة أو قريبا أو عما أو خالا أن يتعلمه يتعلم أدواته وأهدافه ووسائله ...كيف يتعامل مع الطفل ؟ كيف نشعره بشخصيته ؟ كيف نربيه على السلوك القويم ؟ كيف نعلمه حقائق الحياة وأسرارها وخفاياها ؟ كيف نوقفه عند حده إذا تجاوز في مطالبه ورغباته ؟ كيف ندربه على القيام ببعض الاعمال والعادات التي ينبغي عليه اتقانها فيما بعد . كيف نعوده على إحترام الام والاب والكبار ؟ كيف يتعامل مع الاجهزة والادوات المتوفرة في البيت من قبيل الراديو والتلفزيون والكومبيوتر ؟.

والأهم من كل ذلك كيف يتعلم ؟ وكيف يفكر ؟ وكيف يختار ؟ وكيف يجيب من يسأله .

وفي كل هذه (الكيفيات ) ، لابد ان نقول له عندما لاتتوفر لدينا النقود لشراء حاجة يطلبها أننا لانملك النقود في الوقت الحاضر وعليه الأنتظار ريثما تتوفر ...

إن مطالب الطفل كثيرة لكن على من يتولاه ان يعلمه على كلمة لا ...ولايوجد لدينا حاليا ولسنا مستعدين لتلبية كل المطاليب .

من واجب الآباء والامهات وكل من يتولى مسؤولية الطفل تعليمه المبادئ القومية والقيم النبيلة من قبيل الصدق والاحترام والوفاء وان نعلمه السلوك الصحيح ونعلمه خوف الله وعدم الاتيان بأي عمل لايرضى عنه الله سبحانه وتعالى ولايرضى عنه الناس ولايرضى عنه المجتمع .

في الماضي كانوا يعلموننا ان لانرفع صوتنا وان لانلعب مع من هم أكبر منا سنا وأن لانتأخر في الشارع والزقاق ، وأن نسلم على الكبير ونحترمه ، وان نعطف على الصغير ونعاونه وان لانبذر في الماء والمال ، وان نقتصد وكانوا يقولون لنا : ( إن التدبير نصف المعيشة ) .

كانوا يعلموننا عدم الافتخار بالنسب بل بالاخلاق ، ويعلموننا قول الشاعر :
(كن ابن من شئت واكتسب ادبا *** يغنيك محموده عن النسب )
وكانوا يعلموننا ويرددون قول الشاعر أمامنا : ( لاتقل اصلي وفصلي هكذا *** انما اصل الفتى ما قد حصل )
كانوا يعلموننا كيف نحترم الكبار ، وكانوا ينهوننا عن الاكل في الشارع ، وكانوا يمنعوننا من ان نمضغ اللبان – العلك في الشارع .

نعم من واجب الكبار رعاية الاطفال في المحلة ، والاهتمام بهم ، والتعامل معهم وكأنهم اولادهم ؛ فالطفل هو المستقبل ورحم الله من علم طفلا ..من رعى طفلا ...من اهتم بالاطفال ف(الاطفال أحباب الله ) ، وقد قرأت مرة ان احد رؤساء الوزارات في دولة متقدمة كان يجول في عربته فإذا بأحد الاطفال وكان يلعب في الشارع ان قذف عربة الرئيس بالحجارة فتلقاها هذا الرئيس بصدر رحب ، ووجه بشوش وهذا الحادث بعث في نفس رئيس الوزراء هذا روح العمل ، وراح من ساعتها يهتم ويعتني بشؤون الاطفال ويدعو الى تشريع القوانين التي تحمي الاطفال وتساهم في تربيتهم والاهتمام بهم وقد علق احد الصحفيين على هذا الحادث بالقول : ( ان حجارة كان يستعملها طفل للعبه ولهوه خلقت من رئيس الوزراء صديقا حميما للاطفال أطفال بلده ) ، وهكذا فالعناية بالاطفال والاهتمام بمستقبلهم مسألة شرعية ووطنية ، وهي مسؤولية تضامنية مسؤولية الاب والام والاسرة والمدرسة والمجتمع ، وانا على أمل كبير في ان اكون قد وفقت في التذكير بهذا الموضوع المهم والخطير ، والذكرى تنفع المؤمنين خاصة واننا اليوم نرى الكثير من الاطفال للاسف الشديد وبسبب ظروف الحروب والحصار والغزو الاجنبي والفساد ، يذرعون الشوارع ، وقسم منهم يتسول ، وقسم منهم يبيع بعض الاشياء البسيطة وقسم منهم قد ترك المدرسة .

واريد ان اقول ان على الاسرة والمجتمع والدولة ان ينتبهوا الى هذا الموضوع الخطير ذلك ان رعاية الاطفال والاهتمام بهم معناه اهتمام بالمستقبل ومن لايهتم بالاطفال لايهتم بالمستقبل ومن لايهتم بالمستقبل معنى هذا انه لايفهم الحياة ولايفهم دوره فيها .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة