مشرقات / خاص :
تختلف اساليب التربية من شخص لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن مجتمع لآخر، ومن جيل لآخر، بل تتفاوت بين مفرط ومتطرف ومعتدل ، فقد يبالغ الاهل في الافراط بالدلال ناسين ومتناسين ان نتائجه ستكون وخيمة ليس على الابن فقط ،بل على الاهل والمجتمع،لأن الافراط يؤدي الى خلق انسان اناني لايهمه سوى نفسه غير آبه بظروف الآخرين،لايتوانى عن فعل اي شيء في سبيل مصلحته حتى وان كانت تلك المصلحة على حساب اقرب الناس اليه..
اما التطرف والشدة في معاملة الابن ،فانهما نسبيان يقبلان الحالتين،فاما ان تخلق انسانا محطما نفسيا غير قادر على نسيان سوء المعاملة التي تلقاهاها فيصبح ابا ضعيفا بل عاجز عن تربية ومحاسبة ابنائه ،ليكسر الالم الذي عانى منه فيقع في براثن الفشل في تربية ابنائه،اويكون نسخة من ابويه يستخدم القسوة ذاتها او اكثر منها في وقت باتت القسوة والشدة سلعة عفا عليها الزمان في زمن العولمة والانفتاح،وهذه تؤدي الى العصيان والتمرد،وهذا هو الآخر انسان فاشل فشل في تربية ابنائه..
وعليه فإن خير الامور الوسط،فاللجوء الى مسك العصا من الوسط هو الحل الناجع للتربية الصحيحة القائمة على الثواب والعقاب الذي لابد ان يؤتي اكله بعد خلق التوازن المطلوب الذي يؤدي الى خلق منظومة حياتية قادرة على التقويم السلوكي وتنشاة الطفل تنشئة صحيحة لخلق انسانا متزنا يتحلى بالخلق الكريم معتمدا على نفسه،وماغرس فيه من قيم،مستعدا لاتخاذ قرارات سليمة بعيدا عن اي انحراف سلوكي..
ان الالتزام الكامل والصارم بقوالب واساليب التربية القديمة التي عفا عليها الزمن والاصرار عليها يؤدي الى التمرد والعصيان في مجتمع اهم سماته التحرر والانفتاح في ظل العولمة وانتشار النت،لذا فان عملية التربية باطارها العام يجب ان تخضع لروح العصر،وهذا لايعني الخروج عن المألوف او الانفلات،بل الالتزام بقاعدة الاخلاق العامة في اطار شفاف غير قابل للكسر،لأن ماتربينا عليه في طفولتنا بات الآن"موضة قديمة" لاتفي بالغرض - بنظر ابنائنا- بل انها تعتبر قيدا يحد من تصرفاتهم ويكبلهم ويساعدهم في ذلك النت وصديق السوء..
ان التربية السليمة يحب ان تكون قبل كل شيء مقنعة وليست مفروضة،لأن الفرض سيقود الى ازدواحية التعامل،اي ان الابن ينفذ مايطلب منه مادام امام ناظري والديه،وماان يديروا ظهورهم حتى يقوم بكل ماتحلو له نفسه،وهذه الازدواجية هي الخطوة الاولى للانحراف،وعليه يجب اعتماد اساليب تربوية ذكية تقوم على الاقناع في غرس القيم العليا في نفوس الابناء لتكون السد المنيع الذي سيحميهم من شرور انفسهم اولاً ومن شرور المحيطين ثانيا..
ان الوسطية في التعامل تؤمن الحصول على نتائج سليمة، وهذه دعوة للاعتدال بالتعامل مع الجميع وهي تصلح لاي مكان وزمان،بل هي الوصفة الناجعة للتعامل والتكيف الايجابي مع متغيرات الحياة في كل المجالات وليس مع الابناء فقط ..
قال الامام علي (ع)"لاتكن لينا فتعصر،ولاصلبا فتكسر"