23 May
23May

مشرقات / خاص :

يعرف التفكك الاسري على انه الاختلال الحاصل في طرفي الاسرة-الابوين - احدهما اوكلاهما،فالتفكك لغة هو تفكيك الشئ اي فصل اجزائه عن بعضها البعض،اما اصطلاحا فهو انهيار وحدة اجتماعيا واختلال وظائفها سواء اكانت هذه الوحدة فردا ام جماعة.

والتفكك نوعان:

-تفكك مادي وهو غياب احد الابوين بصورة دائمة.

-تفكك معنوي وهو الحضور الغائب لاحدهما.

وهذا الخلل الوظيفي يؤدي الى عجز في اداء الواجبات المنوطة بالابوين ومن ثم حدوث شرخ وفراغ وضرر في المظومة العائلية والذي يدفع ثمنه حتما الاطفال.

ان الاسرة المتفككة هي اسرة تعاني من الاضطرابات السلوكية التي تؤدي الى انتاج اطفال مشوهين اجتماعيا،فهي تنتج نوعين من الابناء،احدهما انسان سيء يسئ لنفسه ولاسرته ولمجتمعه كنوع من الثأر لذاته، وقد يلجا الى تعاطي الكحول او المخدرات او الاثنين معا للهروب من واقعه المؤلم ،فالمجرمون والساديون وارباب السوابق هم نتاج عوائل مفككة بامتياز،والنوع الثاني انسان منطو،مكتئب معقد يعاني من امراض نفسية وعلل لاحصر لها ،كالكآبة،وعقدة الاضطهاد،وانفصام الشخصية وغيرها.

ان الاسر المفككة تضم آباء وامهات  يعانيان اصلا من اختلال الوظيفة ،وقد يكونان قد تربيا ايضا في اسر مختلة وظيفيا،وهكذا يرث الابناء عن الآباء العلل نفسها،هذه الاختلالات التي يعاني منها احد الابوين وغالبا مايكون الطرف المسيطر الذي يحاول ان ينتزع السلطة الابوية بأي شكل من الاشكال ليفرض اختلالاته التعسفية التي تتضمن الغياب المستمر عن الاسرة ،وحتى وان كان موجودا فيكون حضورا غائبا او التملص من اداء الحقوق والتذرع بالعمل خارج البيت وقضاء النهار بطوله بعيدا عن الاسرة-وهذا يشمل الام والاب معا-فلايوجد عمل يقضي فيه المرء النهار بطوله الاماندر،فبعض الآباء تراه يقضي الساعات الطويلة مع الاصدقاء او التسكع بأي عمل يبعده عن المسؤولية،كالجلوس في المقهى اوزيارة الجيران بالنسبة للام –الزيارات المبالغ بها-او الذهاب الى التسوق بالرغم من عدم الحاجة لذلك ،واهمال الابناء والتقصير باداء الواجب ،او التعسف بمعاملة الابناء باستخدام العنف والقسوة والتدخل بكل صغيرة وكبيرة ومسخ شخصية الابن وتهميشها والمشاجرات المستمرة بسبب وبدون سبب امام الابناء مع استخدام الالفاظ النابية والمزايدة على حضانة الابناء والضرب المبرح من قبل الاب لزوجته او للابن ينتج عنه شخصيات انتقامية تتحين الفرص للانقضاض على اي شخص قريبا كان ام غريب ،شخصيات سايكوباثية عدائية للمجتمع الذي يراه الابن المعنف وسيلة لاسترداد كرامته مهما كان الثمن ،بل قد تنقلب الآية ويبدأ الابن بتعنيف والديه بالاسلوب بل انه يضعهما على"كرسي الاعتراف"ليذكرهما بالمعاملة السيئة التي تلقاها منهما في طفولته،ودور العجزة ممتلئة لحد التخمة باباء جحدهم ابناءهم لسبب اولآخر.

ان التفكك الاسري بات ظاهرة تغزو مجتمعاتنا وبقوة،وقد ساعدت عدة عوامل في تنامي هذه الظاهرة التي بدأت تدق ناقوس الخطر ،منها صديق السوءو الوجه الآخر للنت وللاسف الشديد ان انشغال الناس بالنت طال كل شرائح المجتمع فالاب يقضي ساعات طويلة على النت يصادق فلان ويتواعد مع فلانة وقد يصل الامر به الى ترك بيته والبحث عن زوجة النت التي ارته اجمل ماعندها من اجل التفريط ببيته واسرته،وكذلك الحال بالنسبة للام التي تقضي ساعات طويلة تتسامر مع صديقاتها تاركة البيت رأسا على عقب –مع الاستثناء- في حين ان هذه الساعات انما اقتطعتها من رعاية اطفالها وتعليمهم وزرع قيم الفضيلة فيهم وتاهيلهم للحياة.

او قد تلجأ الام العاملة الى ترك الاطفال بيد الخادمة يتربون على يديها ويكتسبون منها ثقافتهم لانها الاقرب،فيما يحل السائق محل الاب في اداء الواجبات المنزلية والحياتية للابناء.

من جانب آخر نرى تبادل الادوار وهذه كارثة اخرى فالام تقوم بكل الادوار تعمل داخل وخارج البيت ،تتسوق،تؤمن مستلزمات البيت،تأخذ الابناء الى الطبيب،تتابعهم في المدرسة،في غياب جسدي ونفسي للاب الذي اما تراه مهملا ،متقاعسا،لامباليا بالحياة الزوجية ،مستسهلا الامور التي رماها على زوجته،او انه قد غاب اصلا وكون حياة اخرى تاركا الجمل بما حمل،او تراه متعسفا ،متحكما،يدس انفه بكل صغيرة وكبيرة ليشبع امراضا نفسية يعاني منها،زارعا الرعب والخوف والنفور بقلوب ابناءه وزوجته،ناهيك عن صراع الثقافات وهو اختلاف المستوى الثقافي والاجتماعي بين الابوين الذي يصنع هوة كبيرة يقع فيها الاطفال ،لاسيما ان الابوين في هذه الحالة كل يجر الحبل لجهته محاولا ابراز نفسه على حساب الآخر،الامر الذي يجعل الصورة مشوهة وضبابية للطفل الذي يجب ان يختار شاء ام ابى وفي الوقت نفسه يحاول ارضاء الطرفين ،وهذا يكلفه جهدا وسخطا هو في غنى عنه.

وفي كل الاحوال فالابناء ينشؤون في بيئة غير صحية ،حاملين عقدهم معهم للكبر وناقليها بكل امانة لابنائهم ،رافدين المجتمع بعاهات اجتماعية تسهم بهدمه وافشاء ثقافة العنف والاستهتار والتخلف،وقد يصل الامر الى هروب الابناء من المنزل الى الشارع الذي يفتح ذراعيه لتغذيتهم بالرذيلة.

ان الظواهر التي تغزو المجتمع الآن جلها نتاج التفكك الاسري وانفصال الزوجين او بقائهما في اتون مستعر من المشاكل التي تاتي ا’كلها على  حساب الابناء الاكثر تضررا من هذا الموضوع.

من كل هذا نخلص الى مجموعة من الآراء السليمة الصحية لحياة آمنة:

1-ان الاسر والبيوت الآمنة يجب ان تقوم دعائمها على الاحترام المتبادل بين الابوين،لكي يشعر الاطفال بهذه العلاقة الحميمة التي تنطبع ايجابا على تصرفاتهم فيما بعد.

2-عدم اثارة المشاكل امام الاطفال ، ومناقشتها وحلها بعيدا عنهم كي لايدخل الطفل في دوامة القلق والخوف والبحث عن الحضن الامن الذي قد يجده في صديق السوء او في موقع من المواقع الضالة.

3-اشعار الطفل بقيمته كفرد مهم بالاسرة واعطائه الحق في إبداء رايه بكل حرية مما يعزز الثقة بنفسه وبمحيطه.

4-تقوية الوازع الاخلاقي بتقوية الوازع الديني لدى الابناء لأن "راس الحكمة مخافة الله"،وذلك سيكون له رادع يبعده عن مسارات الرذيلة.

5-التثقيف التوعوي الذي تتباه المدرسة والاعلام له الاثر القوي والفاعل في تقويم الطفل.

6-استخدام عبارات الشكر والثناء عند القيام بعمل جيد يثاب عليه الطفل.

7-عدم التفريق بين الابناء بذريعة هذا كبير وذاك صغير ،هذا مريض وذاك متعاف،فتربية الابناء يجب ان تاخذ مسار واحد ثابت كي لايشعر الطفل بالغبن والغيرة من اخيه الاصغر او الاكبر ،مايجعله يكره اخاه ويكن له مشاعر الحقد والانتقام،والمجتمع الآن ملئ بظاهرة الاخوة

الاعداء وللاسف الشديد.

8-حسن اختيار الشريك واخذ الوقت اللازم لذلك لأن الزواج قبل كل منظومة اجتماعية يقوم عليها المجتمع.

9-الابتعاد عن ظاهرة الزواج المبكر التي تؤسس اسرا غير مكتملة النضج ،غير مسؤولة عن ادارة شؤون الاسرة،لأن الابوين في هذه الحالة يفتقدان الوعي والثقافة الاجتماعية لتأسيس الاسرة.

10-الحث على التعليم لأن الانسان المتعلم خيرا من الانسان الجاهل،فالثقافة سلاح حصين ضد الجهل الذي هو اس البلاء،والامة المتعلمة خيرا من الامة الجاهلة.

لنربي انفسنا اولا قبل ان نربي ابناءنا لأن المربي يجب ان يتحلى بالخلق الكريم والادراك الحسي والوعي اللازم الذي يؤهله لياخذ هذا الدور.

يقول ميتش البوم"يضربعض الآباء عائلاتهم واطفالهم،الشباب كالزجاج النقي يؤثر عليه اي طبع ويعكر صفوه،ويدمر بعض الآباء اطفالهم بطريقة جنونية كالزجاج المحطم الى قطع صغيرة لايمكن اصلاحها".

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة