17 Mar
17Mar

مجلة سماء الأمير ـ خاص:

تقربت المخرجة السينمائية السعودية هيفاء المنصور وُلدت عام 1973 بمنطقة الإحساء بالسعودية ، من الكشف عن حياة كاتبة غامضة ، ومنعزلة ، اسمها ماري شيلي 1797 / 1851، تلك الفتاة الهادئة التي ابتكرت شخصية فرنكشتاين والتي ضمنتها بروايتها ذائعة الصيت " فرنكشتاين وبعنوان مرادف: بروميثيوس الحديث، تم إلغاؤه فيما بعد ".

لم يك الامر يسيرا لمخرجة عربية ومسلمة في تقصي حياة كاتبة ارتبطت بشاعر انكليزي صاخب، ومغاير، وحتى ملحد! إذ اصدر الشاعر بيرسي بيش شيلي 1792/ 1822، واثناء ما كان طالبا في جامعة اوكسفورد عام 1811 كتابا عن الإلحاد، مع سيل من قصائد عُدت من عيون الشعر الانكليزي الغنائي مثل "اغنية للريح الغربية، وإلى قبره، وخريطة الملكة، واعمال مسرحية ومقالات، ورواية واحدة، والكثير من المشاكسات والتناحر، مما دفعت به للسفر لإيطاليا والموت هناك غرقا مع صديقه بمركبه ، لتُحرق جثته على ساحل البحر الذي غرق فيه! 

وكما هو متداول فقد كان الشاعر شيلي هو من أوحى لزوجته الثانية الكاتبة ماري شيلي "تزوجها قبل وفاته بأربعة اعوام" بفكرة الرواية، لكنه، وبحسب ما جاء في ثيمة الفيلم وظهوره وسط مجموعة من الكتّاب إعترافه بأن ماري هي الكاتبة الحقيقية للرواية ولم يقم سوى بالإطلاع عليها مخطوطة حين انجزتها زوجته الشابة ماري. 

تبت السيناريو إيما جنسن، اعتمدت فيه على مرجعيات تاريخية وبعض مما كُتب عن الشاعر، وايضا ولوجها اعمال قصائد الشاعر الرومانتيكي الاشهر، وعلاقته ببعض ممن تأثر بهم مثل الفيلسوف فرانسيس بيكون والشاعر ملتون واصدقائه مثل الشاعر اللورد بايرون والشاعر جون كيتس، وتقربه من بعض الممارسات العلمية واكتشافاته لعلوم الكهرباء والديناميت!

 وما كان من المخرجة هيفاء المنصور إلا اعتماد تلك المرجعيات ، والاشتغال عليها فنيا عبر كاميرا المصور البارع ديفيد إنغارو الذي نجح بإبراز انفعالات وتحولات ابطال الفيلم والتقرب بكامرته لوجوههم لإبراز ما يخدم ثيمة الفيلم ، مع جمال المشاهد المفتوحة على سعتها في الاماكن الخضراء، وحتى تلك الامكنة الضيقة التي تتشابه مع مع طراز البيوت والقصور آنذاك، واحالتها لمشاهد الفيلم للبيئة التي ترعرعت فيها الكاتبة ماري شيلي وحياتها المزدوجة بين هيامها بشاعر الانكليز الكبير وعائلتها وصديقاتها ، وبازياء تطابقت مع ما كان سائدا وقتذاك، ومكياج واكسسوارات تم استخدامها بعناية وفهم كونها ترتبط برفعة الشخصية او انحطاطها! وقد استفادت المخرجة المنصور من تجربتها واشتغالاتها الاولى كمخرجة لأفلام قصيرة مثل "نساء بلا ظل" الذي لفت الانظار اليها، بتناوله لواقع المرأة السعودية ومشاكلها مع حاجات العصر ومواجهتها لمعوقات المنع ! وقبله كان لها فيلم قصير بعنوان "انا والآخر" وفيلم قصير آخر بعنوان "من؟" لكنها رسخت تجربتها بفيلم "وجدة " عام 2012، والذي يعد اولى انطلاقاتها بإخراج افلام طويلة، خاصة اثناء اقامتها بامريكا لتقدم بعد ذلك عدة افلام منها "نايلي إلى الأبد عام 2017"، وفيلم "المرشحة المثالية عام 2019 ". 

يُحسب للمخرجة هيفاء المنصور وعيها، وثقافتها، وعشقها لشخصية ماري شيلي، حيث دنت كثيرا من عالمها الباطني، واظهرت خوفها، وترددها، وبعض من انكسارتها، وصراعها النفسي والاجتماعي في زمنها، بين مجتمع محافظ، وبين نشدان ذات هادئة وطموحة لحياة اكثر تحرراً، مما يدفع للاعتقاد بأن المخرجة المنصور قد تماهت مع فكرة السيناريو وعالم الكاتبة ماري شيلي، وكأنها تؤكد على تشابه حياتهما. 

برعت الممثلة إيل ماننغ بدور ماري وتجاوز الممول الشاب دوغلاس بوث نفسه بتجسيد شخصية الشاعر شيلي، وبإدارة محكمة من جانب المخرجة المنصور. ظهر الفيلم في دور العرض عام 2018.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكاتب صباح محسن

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة