تساءلت : كيف سأكتب عن ميسلون العزيزة ؟؟ هل سأقول أكثر مما قيل في إبداعها المتميز ودأبها وانصرافها الصوفي للكتابة والابداع ؟؟ هل علي أن اتحدث عن اعمالها الجميلة وواقعيتها الثرية وانتمائها العالي لهموم الإنسان العراقي؟؟ هل أكشف عن دأبها وهي تبحث في منعطفات الزمن والأحداث اليومية عن يواقيتها الثمينة التي ترصع قصصها الناعمة ورواياتها المتقنة ؟؟هل أتحدث عن أحلامها الوردية فاتحة اللون ونبؤات فرعونها ؟ أم أنصرف الى تعداد أعمالها المهمة ورؤاها وأحلامها الابداعية ؟ أم استغرق في متعة ارتشاف شاي العروس الذهبي كشروق شمس على بساتين العراق ؟؟ كل ذلك قد تحدث عنه النقاد والكتاب الذين كتبوا عن منجزها الكبير ، وإذن فإن لي السبق في الحديث عن ميسلون الإنسانة الصديقة والمرأة شفافة الروح والمبدعة في أمومتها والمثالية في تمام حنانها ، بيني وبين ميسلون خطوط خفية من المحبات والحساسية الإنسانية الفائقة ، بيني وبين ميسلون سبل للتواصل تتجاوز الايميلات والمكالمات بيني وبينها كثير من مكابداتنا المشتركة في حياتنا العراقية القاسية والجميلة والكادحة والمهددة والمنتجة ما لم تتخيله نساء الأرض من المبدعات والكاتبات أبدا .. ميسلون بحيرة هادئة من الحنان الأمومي والألفة النقية ، وميسلون سيدة من طراز قل نظيره بين النساء اللاتي عرفت في أوساطنا الثقافية العربية فهي تجمع بين رقة المرأة الحالمة وقوة الكائن العملي القادر على مواجهة الأزمات والمواقف الصعبة ، وهي لمن يعرفها تمام المعرفة رقيقة حد أنني أشفق من أن تجرحها نسمة هواء ، و قوية حد أنك تخشى عليها من فرط قوتها وشجاعتها ، وميسلون ربما هي الوحيدة من بين المبدعات ممن تصلني بها روابط روحية وإهتمامات جمالية وانتماءات متشابكة للأمكنة والأحداث التي شكلت ضمائرنا ، ومابيني وبين ميسلون ماهو أعلى من الصداقة وأبقى من الزمالة وأرسخ من جميع أشكال التعاطي الثقافي .. ثمة بيني وبينها مسارب وطرق من التفاهم الصامت والحوار البليغ والحدوس الحاسمة،حدوس المبدعة وحدوس المرأة التي ترسخ أنواعا من التواصل لا مرئية لغير العارفين ، وبيني وبينها تتشابك تفاصيل حبنا الجارح والمزمن للعراق ، وخوفنا على حاضره ومستقبله وتحسسنا لأوجاعه وحزننا لخرابه وحلمنا باستعادته لعافيته ، كلانا فارقت العراق مكانيا وأبقت وشائج خفية من روحها تشتبك في سعف النخل وشذا الجوري وظلال التوت والرمان وتنسج شبكة وفخاخا من الحب لافكاك منها .. بيننا بعض تماثلات في الأمومة والزهد والعزلة وندرة الصداقات والإنصراف للإبداع وحده بلا شريك ولا نديد قد لانلتقي شهورا ونكتفي ببعض التواصل ، لكن صداقتنا تتصاعد وتترسخ على مر الزمن سواء اقتربنا أو تباعدت بينا السبل.. قد نختلف في نظرتنا لبعض الأمور والمواقف ، لكنه الاختلاف الذي يثري الحوار بيننا ، وأجدني سعيدة جدا حينما تكتب ميسلون مقالة أو رأيا في موضوع محدد وكأنها عبرت عن مكنونات قلبي .. في غربتنا معا اختبرت حقيقة تواصلنا الروحي ، حتى وإن كنا على مسافة بلاد ووراء حدود وصحارى ، أعرف أن ميسلون من الشخصيات النادرة في زمننا التي لم ولن تتسبب في أي نوع من أذى لأي كائن أو شيء على الإطلاق ، وهذا ماحببها إلي وإلى الاخرين ، فهي سيدة خلقت لتكون نجمة في الابداع والحياة معا ، وقد نجحت لتحافظ على كينونتها الأنسانية بقدر تألقها الأبداعي وصفائها ودفء روحها الشاسعة.. عساني استطعت أن أصف ميسلون الصديقة العزيزة و الإنسانة المبدعة كما يليق بها وكما ينبغي لكلمات المحبة الصافية أن تكون ، قد أكون أغفلت إحدى سجاياها أو جانبا من جوانب شخصيتها الجميلة لكني حتما حاولت أن أكون على قدر من الموضوعية في محبتي لها إن كان في المحبة العالية حياد او موضوعية ترى الأشياء بشفافية ووضوح ووفاء للحقيقة ..