أ.د.إبراهيم العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
الأستاذة لطفية الجراح، من المربيات الموصليات الكبيرات، والمتميزات.. تحياتي واعتزازي بها، وبجهودها التي بذلتها في ميدان التربية والتعليم في الموصل. وتمنياتي لها بالعمر المديد والعافية .
والأستاذة لطفية فتحي ألياس الجراح، وهذا هو اسمها الكامل، من مواليد محلة النبي شيت بالموصل سنة 1934. تخرجت في إعدادية الموصل للبنات - الفرع العلمي سنة 1952، واجتازت الدورة التربوية لتصبح معلمة 1953-1954، وعملت في مدارس عديدة..
كان لها فضل فتح مدارس للبنات منها مثلا مدرسة البنات في بامرني، كما فتحت مدرسة القادسية للبنات وتولت ادارتها، واختيرت بعد ذلك لتكون مديرة لمدرسة الفتوة النموذجية ولمدة عشر سنوات من سنة 1973 الى سنة 1983 وكانت من أرصن المديرات، وقد أصبحت مشرفة تربوية إدارية في وحدة الإشراف التربوي في المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى ولمدة إحدى عشرة سنة من سنة 1983 الى سنة 1994 . وكان لتوجيهاتها أبلغ الاثر في رفع مستوى المدارس التي كانت تزورها سنوياً، وقد التقت خلال عملها مربين ومربيات من مختلف الدول، وضمن نشاطات اليونسكو ووزارة التربية العراقية
كما كانت لها إسهاماتها في العديد من النشاطات التربوية، والفنية، والرياضية التي شهدتها الموصل ومحافظة نينوى ضمن عملها معلمة ومديرة ومشرفة إدارية وكذلك في تحرير مجلة (النبراس) الموصلية التي أصدرتها المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى في السبعينيات من القرن الماضي. وللسيدة لطفية الجراح ولدان وثلاث بنات أكملوا دراساتهم وقسم منهم نال شهادة الدكتوراه.
أُحيلت على التقاعد في 11 نيسان سنة 1994، وتفرغت لشؤون البيت، والمطالعة، والقراءة، والعبادة ومن حسن الحظ إنها كتبتْ بخط يدها جانباً من سيرتها وأحتفظ بنسخة مما كتبته
فقط أريد أن أقول إنها وضمن عملها مشرفة إدارية كان لها الدور الكبير في تنظيم ملاكات المدارس، ولعدة سنوات حتى انها حصلت على المرتبة الأولى في الإدارة المدرسية لمدارس محافظة نينوى الابتدائية . وكان مما انتبهت اليه وقدمت فيه مقترحاتها وضع خطة يسترشد بها مدير المدرسة عند إدارته المدرسة موزعة بين الأيام والأشهر، وقد استفادت من الخبرات التربوية والإدارية الحديثة خاصة وإنها التقت الكثير من الوفود التربوية من بلدان عربية وأجنبية زارت الموصل وأجرت مع أعضاء هذه الوفود حوارات تربوية واسعة .
وعندما كانت مديرة لمدرسة الفتوة النموذجية، كانت هذه المدرسة، وبفضل إدارتها تحرز نتائج متقدمة؛ فتلاميذ وتلميذات هذه المدرسة كانوا من الأوائل على مدارس المحافظة، وقد تخرجت على يديها أجيال وأجيال، وخريجو مدرستها التربوية تبوؤوا مواقع متقدمة في الدولة والمجتمع .
كانت للسيدة لطفية الجراح إسهامات في المهرجانات والفعاليات التي شهدتها الموصل طوال نصف قرن ومن ذلك إسهاماتها في مهرجانات الربيع ومواكبه، والنشاطات الرياضية والفنية الكثيرة التي أقيمت في الموصل عبر سنوات طويلة . وكانت السيدة لطفية الجراح توصي وتهتم بتنظيم سجلات المدرسة لحفظ حقوق التلاميذ وممتلكات الدولة، وكانت تقدم توصياتها بشأن سجلات القيد العام وسجلات الآثاث والرياضة واللوازم المدرسية والمختبرات وغالباً ما كانت تدعو الى عقد الاجتماعات المشتركة بين إدارات المدارس والمسؤولين المعنيين في المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى، وكنت أتابع هذه النشاطات، وأعتز بها وأعرف كم كانت تبذله هذه المربية الفاضلة من وقت وجهد من اجل أن تحافظ على مستوى التربية والتعليم في الموصل وفي كل محافظة نينوى. ومما يفرح إنها كانت تمتلك خبرة تربوية وتتصرف تصرفاً إنسانياً مع الملاك الإداري والتعليمي .
تحياتي وتمنياتي لها بالعمر المديد والعافية. وكم نحن اليوم بحاجة الى أن نجعلها قدوة لنا، ونحن ندير مؤسساتنا التعليمية والتربوية: قدوة في تغليب الروح الوطنية، وقدوة في الانضباط الاداري، وقدوة في الاخلاص، والجد، والمثابرة لقد كانت الأخت السيدة لطفية الجراح من أكفأ المديرات وأكفأ المشرفات الإداريات.. والحمد لله حظيت بتكريم اليونسكو ورئاسة جامعة الموصل والمديرية العامة للتربية في محافظة نينوى ووزارة التربية والدولة ممثلة بالسيد نائب رئيس الجمهورية سنة 2013. وكم كان جميلاً أن تصدر مذكراتها بعد نشر هذا المقال. تحياتي واعتزازي بها ، وهي أخت عزيزة ولها صفحة مباركة في فيسبوك .
من كتاب الدكتور ابراهيم خليل العلاف، نساء عراقيات، دار ماشكي للطباعة والنشر، الموصل، 2022