25 Feb
25Feb

غراتسيا ديليدا الكاتبة الإيطالية المولودة عام ١٨٧١ لم تدرس إلاّ الابتدائية مثل غيرها من كثير من بنات الريف الإيطالي في ذلك الحين لكنها تمكنت من تعلم الإيطالية، وهي لغة بلدها بل والفرنسية والإنكليزية، عندما أرسلت ديليدا سراً قصة قصيرة بعنوان "دم من سردينيا" إلى إحدى مجلات العاصمة روما التي نشرتها، استشاط أهلها وأقرباؤها غضباً لجرأتها على تجاوز الحدود المسموح بها للنساء، وفي عام ١٩٢٦ وبعدما نشرت نحو ٣٠ رواية حصلت غراتسيا ديليدا على جائزة نوبل العالمية للآداب لتصبح بذلك ثاني امرأة في العالم تحصل على جائزة نوبل العالمية.
كتبت ديليدا في صفحات روايتها أقصاب في مهب الريح عن الإنسان، حلمه، غناه وفقره، قوته وضعفه، صراعاته المعلنة والمخفية، وهشاشة ما تسمى بالحياة أخيراً، وكيفية انحناء الإنسان امام القدر كما تنحني الأقصاب امام الرياح لتجسد بذلك عنوان عملها الخالد هذا.
أرادت ديليدا ومن خلال شخصياتها وارض إقامتهم "جزيرة سردينيا" أن تنقل لنا كيف يهرب المرء من قسوة الواقع الذي يعد مرآتنا إلى العمق الديني، كما يحدث في معظم بلدان العالم الثالث حيث نلاحظ ذلك عبر هروب الخادم ايفكس مثالاً من صراعاته النفسية وعادة تأنيب الضمير التي غدت ملازمة له بعدما قتل الدون زامه خطأً إلى الكنيسة وتأدية الطقوس الدينية ومنها صيام الأربعين يوماً ثم التسول أخيراً واصطحاب الأعمى وكثيراً ما نلاحظ كيف كان يحلل معادلة حياته من المصادفات والنتائج الطبيعية لأفعاله ووضعها إلى جانب الدين.
نساء ديليدا في مهب الريح خاضعات للقدر جميعهن إلاّ ليا التي تمردت على واقعها وهربت بعيداً إلى القارة* وبعد عدة سنوات يعود ابنها إلى سردينيا حيث مسقط رأس أمه ونشأتها ولكن يتسبب بموت خالته روث والقضاء على المزرعة وهي آخر ما تبقى لديهم من املاك ..
أقصاب في مهب الريح رواية الطبيعة حيث تتناغم فيها مع الإنسان وتتشابك دموع السماء "المطر" مع دموع سكان الأرض.
* القارة تعني روما حيث قديما كان يطلق على العاصمة أسم القارة. 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة