شاهدت قبل ايام إعادة لفيلم البندقية القديمة للمخرج روبرت أنريكو وتمثيل رومي شنايدر ، والممثل المخضرم فيليب نواريه ، وكأني استعيد زمن مشاهدتي للفيلم عام 1977 في صالة سينما غرناطة ، الاحساس نفسه ، وكأني اسمع اصوات من في الصالة ، من طلبة ، ووفنانين ، ومهتمين ، والكثير من كان يعتنق افكارا اكثر انفتاحا ، وصوء عامل ايصال الرواد الى اماكنهم ، وبعض الباعة الانيقين ، والصمت المطبق لحظة دوران شريط تشغيل الفيلم من كوةٍ في نهاية الصالة في أعلى زاوية فيها ، كان عالما ساحرا ، ومحاطا بالرهبة ، والالتزام ، لانها لحظات القيض على جمال متحرك..
يتناول بعض من وقائع الحرب العالمية الثانية ، وتحديدا عن طبيب جراح يعمل في مستشفى بمدينة منتوبان الفرنسية ، والاحداث التي جرت بعد دخول القوات النازية واحتلالها لفرنسا ، ومقتل زوجته حرقا بقاذفة اللهب على يد احد الجنود الالمان ، وتتابع الاحداث حتى معرفته ب كلارا والتي تؤدي دورها رومي شنايدر ، والتي تتقبل فكرة عرض الزواج بها من قبل الدكتور جوليان والذي يؤدي دوره وبأمتياز فيليب نواريه والقبول بأبنته كواقع قائم بينهما لايحول دون احترامه لها ، وبالفعل تنسجم كلارا مع ابنة الدكتور وكأنها ابنتها ، الى حين موتهما ايضا على أيادي القوات النازية ، مما يدفعه الحادث الشنيع للبحث في سرداب منزله عن بندقيته القديمة والتي ورثها عن جده ، ليقوم بمقاومة قتلة عائلته والاقتصاص منهم ، وقد حاز الفيلم على جائزة سيزار لأفضل فيلم للمخرج روبرت أنريكو ، وافضل ممثل للعملاق فيليب نواريه ، وافضل موسيقى .
وصف آخر لرومي...
عينان زرقاوان مشروطتان ، وأنف مستقيم وشامخ ، وشفتانِ ممتلئتان ، وجبهة عالية ، منحها والت ديزني لقب اجمل صبية في العالم ، بعد أن شاهد لها سلسلة افلام ( سيسي ) وهي في عمر 15 عاما.
هادئة ، وراسخة ، وعميقة ، تتسلل للروح بخفة ، وكأنها سحابة فجر ، مدعومة بنسمة ناضجة ، تستدعي البهجة بشِباكِ صيادٍ ماهر ، لتنقض على قلوب معجبيها بطغيان انوثتها ، وذلك الصمت العميق الذي يتوارى خلف بوحها المكتظِ بالرغبات ، تتهادى مثل غصنٍ يتسلقه الندى ويغفو بين ارتجافه بتوحد ، تستنطق الكلمات بلمسة عسل ، ولاتهدر الكثير من الثرثرة كي تصل لقلوب اولئك الذين اصطفوها مثل حلمٍ يراودهم على طول خط حياتهم ، ايقونة للغرام ، بل هي اقرب لرمزٍ يصر على احتواءٍ مطلق لفكرة الجمال ، وكما قال عنها كبار نقاد السينما ، بأنها امتداد لمارلين ديترش وغريتا غاربو ، ومكملة لسحر مارلين مونرو ، انها روز ماري ماغدلينا ، وشهرتها رومي شنايدر ابنةُ الممثلة الالمانية المشهورة ماغدا شنايدر وابنة الممثل ريتي آلباخ ، والذي يبدو انه لم يحوز على الشهرة التي حازتها زوجته.
وُلدت في النمسا عام 1938 وعاشت اغلب حياتها في فرنسا ، وكانت انطلاقتها من هناك .
ارتبطت بعلاقة عاطفية عاصفة مع ممثل فرنسي وسيم اسمه الن ديلون ، يخطو خطواته الاولى في عالم التمثيل ، ليلمع نجمه فيما بعد ويصبح معبود الفتيات في ارجاء المعمورة ، لم يتزوجا ، بل كانا بمثابة صديقين ، رغم اعلان خطوبتها عام 1959 لكنهما لم يُعلنا عن زواجهما . تزوجت مرتين ، وحصيلة زواجها الاول فتاة ، ومن زواجها الثاني فتى .
عملت تحت اشراف وادارة كبار المخرجين مثل فيسكونتي في فيلم بوكاتشو عام 1961 ، والمخرج الكبير اورسون ويلز في فيلم المحاكمة عام 1962 عن رواية فرانتز كافكا ، والمخرج كلود سوتيه في فيلم اشياء الحياة ، وماكس والسباكون ، ومادو ، وحكاية بسيطة ، وقدمها كوستا غافراس في فيلم نور إمرأة عام 1979 ، ورائعتها مع المخرج روبرت انريكو في فيلم البندقية القديمة ، وكان آخر افلامها المرور من دون هواجس عام 1982 اي بعد موت ابنها ديفيد المروع بعام ، والذي ترك آثاره المرعبة على حياة النجمة رومي شنايدر ، مما أدى الى موتها بسبب توقف القلب عام 1982 ، وقيل انها انتحرت ، وهناك اشارات مشككه من بعض وسائل الاعلام بأن موتها يقف وراءه فاعل ، او متسبب ؟ الخ..
اشتغلت اكثر من 60 فيلما ، من ضمنها فيلم مقتل تروتسكي ، وفيلم اللص ، وشبح الحب ، والمسبح .
فرصتها الاولى كانت مع والدتها في فيلم الزئبق الابيض عام 1953 بعد ان وقع اختيار المخرح عليها لاداء دور ابنة بطلة الفيم والتي هي بالاصل والدتها .
حصدت جائزة سيزار لأكثر من مرة على بعض اعمالها السينمائية .
وفي سؤال وجهه احد الصحفيين العاملين في كبريات صحف امريكا عن معنى السعادة ، ردت قائلة : إن كل الظلال ابتعدت عني ، ليسألها ثانية عن اية ظلال تتحدثين ، قالت : ظلال الرجال الذين قالوا لي يوما إنهم يُحبونني ثم لم يعطوني أي شيء ..