بوح شهرزاد
زواج الأقارب .. ماله وماعليه / مريم لطفي
سنتناول موضوع زواج الاقارب باعتباره من اكثر المواضيع حساسية في المجتمع ، ولما له من تبعات تكون في اكثر الاحيان مأساوية.. فإذا تناولنا الجانب الايجابي منه سنجد ان اهم مافي الموضوع هو المعرفة التامة بماهية الشريك ذكرا ام انثى ، من حيث الاخلاق ،العادات،السلوك،الطبائع المختلفة،اضف الى ذلك بعض الصفات الايجابية الأخرى ،كأن تكون العائلة الكبيرة متميزة بصفات معينة كالجمال او الذكاء او طول العمر اودماثة الخلق ، فهذه العوائل التي تتميز بهذا الكم من الصفات الجيدة تجد من الصعوبة ان تترك مسار العائلة وتنطلق الى خارجها لتقترن بما هو دون مستوى تلك العائلة حسب مفهومها طبعا، وعملا بالمثل القائل"اللي تعرفه احسن من اللي متعرفه"
اما اذا تناولنا الموضوع من الناحية السلبية سنجد ان سلبيات الموضوع اكثر من ايجابياته لاسيما اذا كان "بالاكراه"..
ان الاقتران بعلاقة زوجية امدها الحياة من دون قناعة تامة بالشريك ، تلك جريمة بحد ذاتها لأن مايترتب على هذه العلاقة سيكون وخيما على الاسرة اولا والمجتمع ثانيا والمتضرر الاكبر الاطفال الذين طالما يدفعون اثمان اخطاء الاهل بلا قيد اوشرط..
ان غرس بذرة الاقتران في نفوس الاطفال الصغار اي الترديد على مسامع الطفل او الطفلة انك ستتزوج من ابنة عمك او خالك عندما تكبر، لهي الكارثة بعينها، فالذي يحصل ان احد الطرفين سيتشبث بالآخر بانيا احلاما وقصورا في الهواء ماتلبث ان تتلاشى وينهار كل شيء عندما يصطدم برفض الطرف الآخر الذي قد اقترن او اعجب بإنسان آخر في مكان دراسة او عمل اوجيرة وما الى ذلك..
وتبدأ المشاكل وتحتدم الصراعات بضرورة اقناع الطرف الآخر بالعدول عن رأيه والقبول مرغما لأن رفضه سيسيء للعائلة باكملها او بالاصح العشيرة التي رأت في ذلك الزواج تتويجا لأواصر الالفة بينها،هذا الامر الذي يؤدي الى نفور الطرف الرافض واللجوء الى العديد من الطرق للخلاص من هذا القيد بالهروب او حتى بالانتحار اذا كانت الفتاة هي المعنية،اما اذا رضخ الطرفان فستكون حياتهما جحيما وعلاقة من طرف واحد وليست علاقة مودة ورحمة ويضطر الطرفان للرضوخ لإرضاء الاهل والقبول بحياة بائسة قد تستمر بالكاد وقد تنتهي في اغلب الاحيان بالطلاق..
ومن الناحية العلمية فإن علماء الوراثة لايشجعون زواج الاقارب لأنه كفيل بنقل الامراض ذاتها داخل العائلة الواحدة لاسيما اذا كان في هذه العائلة امراضا كالامراض النفسية وامراض الدم وغيرها من الامراض التي تنتقل جينيا وتلك كارثة بحد ذاتها وقع في براثنها العديد من الازواج الذين انجبوا اطفالا ذوي إعاقة او مشوهين يحملون الصفات نفسها الموجودة اصلا في العائلة الكبيرة....
ان رسولنا الكريم كان له رأي بالزواج حيث قال"تخيروا لنطفكم" اي انه اعطى الخيار من اجل سلامة المنظومة الاسرية ، فالموضوع نسبي وليس مطلقا اي انه اذا بنيت العلاقة الزوجية على القناعة من قبل الطرفين مقرونة بالفحوصات السليمة فلا ضير من ذلك ابدا وذلك مدعاة لاقامة وشائج الالفة والمحبة داخل الاسرة الواحدة،لكن اذا تم الامر قسريا فذلك كفر بما جاءت به الانسانية والشرائع السماوية وتلك كارثة تعود بالضرر على الاسرة بصورة عامة والاطفال بصورة خاصة وعلى المجتمع الذي تنهار احدى لبناته تحت أي ظرف..