انتصار الميالي
دخلت المرأة العراقية في اغلب جوانب الحياة العامة وعملت في مختلف مجالات العمل وقطعت أشواطا فـي طريـق التحرر من قيود البيت والتقاليد والعادات البالية الموروثة، ولمقتـضيات التطـور والتحولات الجذرية في نواحي الحياة في بلدنا ولانجاز هذه المهمـة الكبيرة يتطلب تعبئة كل الجهود لدعم قدرات المرأة العاملة الى جانـب الرجـل وتهيئة العوامل لإظهار الابتكار والإبداع. لقد حظي عمل المرأة باهتمام منظمـة العمـل الدولية التي قامت باعتماد معايير دولية لحماية وتأمين شروط وظروف عمل لائقة وملائمة وكريمة لها .
وفي إطار هذا الاهتمام أخذت مسألة مساواة المرأة والرجل وعـدم التمييز بينهم في شروط وظروف العمل تنال تركيزاً واهتماما خاصاً على مختلف المستويات. باعتبار ان المساواة حق من حقوق الإنسان وأحد أهـم المبـادئ والحقوق الأساسية اللازمة لتوفير الحماية الملائمـة للمـرأة العاملـة والارتقـاء والنهوض بأوضاعها المهنية.
وقد انعكس هذا الاهتمام في جهود وأنشطة منظمـة العمل الدولية والتي عملت على تعزيز تكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين فـي مختلف مسائل العمل والتي عززتها الأمم المتحدة بإصدار مجموعة من المواثيـق والاعلانات التي تؤكد ذلك وصاغتها دساتير الـدول وتـشريعاتها الخاصـة بالعمل.وللدور المهم الذي تضطلع به المرأة العاملة في ميـادين العمـل والانتـاج وتنمية الثروة الوطنية يجب التفكير الجاد في مـشاكل المـرأة العاملـة ومعالجـة قضاياها المادية والاجتماعية وخصوصاً عبر تشريع القوانين والأنظمة التي تـوفر ظروف عمل أفضل للمرأة العاملة وتحقق لها المزيد من الضمانات لتؤمن تكافؤ الفرص أمامها وإلغاء أي تمييز ضدها. باعتبارها كانت ومازالت عنصراً فعـالاً فـي غمـرة المعارك الطبقية و النضالات المطلبية وفي كثير من الحالات برزت في المقدمـة وتعرضت إلى كل ما تعرض إليه الرجل العامل حتى التحمت مطالبها بمطالب رفيقها العامل بحيث أصبحت وحدة لاتتجزأ من مطالب الطبقة العاملة بشكل عام .وثمة إشكالية يثيرها العمل بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فـي مجال العمل، وهي إشكالية الفجوة بين القانون والواقع، ذلك أنه على الـرغم مـن ضمان المساواة في مبادئ الدستور ونصوص التشريع إلا أنها لـم تتحقـق بعـد بصورة ملائمة أو كافية على أرض الواقع.
أعطت الأمم المتحدة اهتماماً كبيراً لقضايا المرأة من خلال فعاليات وأنشطة متنوعة وصدرت في إطارها مجموعـة مـن الوثـائق والإعلانات واعتمدت عددا من الاتفاقيات التي تضمنت النص علـى مبـادئ أحكام المساواة بين الرجل والمرأة ومناهضة صور وأشكال التمييز التي تمـارس ضـد المرأة في مجال العمل. حيث صدر ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته ونصوصه التي تشير إلى عدم التمييز قانوناً ولأول مرة في التأريخ الحديث تلاه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 الذي أكد على مبدأ المـساواة فـي الحقوق بين الرجل والمرأة كحق أساسي للإنسان والذي يشكل الركيزة الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، حيث اسـتهل بـالنص (إن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق والحريـات المقررة فيه دون أي تمييز بما في ذلك التمييز بسبب الجنس).