مجلة سماء الأمير ـ خاص:
بشكل مفاجيء تحولت مناطق من العراق الىشبكة لتعاطي والاتجار بالمخدرات، على الرغم من أن هذه الظاهرة كانت بعيدة كل البعد عن المجتمع العراقي الذي يتميّز بالاصالة والفطرة والحفاظ على الفضائل الاجتماعية والقيم النبيلة. لا ندري ان هذه الفترة هل كانت جزءاً من المخطط السياسي المرسوم للعراق ما بعد 2003 وكل براثن الاحتلال الامريكي والذي جعل باب العراق مفتوحا لكل الاهواء المريضة والحاقدة إحداها تبحث عن انتقام متعمد وثأر لخسارتها امام العراقيين، وأخرى جعلت من العراق ارضاً لسرقة خيراتها وبنوكها، وأخرى جاءت بعصابات ترتدي اثواباً مرصعة بجشع الاستيلاء على المال العام والخاص ونصبت مَن لا يمتلكون أية رؤى سياسية أو اية عقيدة شاملة تعمل على ادارة الدولة، وكانت الى جانب جفاف الانهار وانهيار التعليم وتفشي ظاهرة الشهادات المزورة والتعيين بشراء الوظائف بأثمان تبدأ من وظيفة الشرطي حتى درجة الوزير فما فوق بتجارة بخسة عكست ظلامية وتدني مستوى اخلاق هذه الحفنة التي يوحي لها عقلها القاصر ان تضليل الرأي العام بالاعلام المشوّه والكاذب هو السبيل لتقبل ما هم عليه متناسين إن علم ادارة الدولة لها ضوابط وسياسات واضحة في كل الدول والانظمة تحسب بقياس مستوى الاقتصاد والبنى التحتية ومجالات الزراعة والصناعة وبناء الانسان عن طريق ازدهار المدارس والجامعات ودور العلم المختلفة.
إن اكثر ما يؤلم المرء ادخال تجارة المخدرات وزج نماذج بشرية هائمة على وجه الارض بهذه التجارة، لا نعرف لمصلحة مَن هذا الانتشار المريع وتجاوز مكافحتها الى حرب بالاسلحة وقتل الضباط اثناء المداهمات بلا اكتراث لوضع خطط علمية أستراتيجية بدءاً من تتبع منافذ دخولها الى تهيئة ملاكات وطنية ونزيهة من الامن والاستخبارات لمهمة رصد ومتابعة حركة هذه التجارة الخطيرة والغريبة التي ابتلعت الشباب وجعلت منهم دمى تتحرك وتقتل، وانتشرت ظاهرة الجريمة داخل الاسرة الواحدة وزنا المحارم والطلاق على اتفه الاسباب وبروز جيش من الضحايا الاطفال نتيجة حالات الطلاق والتفكك الاسري وانهيار الضبط الأسري امام تفشي حالات الفقر والبطالة، كل هذا وكل خطط التنمية للحكومة خالية من اعداد نفير عام يستهدف اكثر من مؤسسة لإعداد دراسات لرصد ومكافحة هذه الحالة.. واما عن تتبع المتاجرين والمتعاطين عن طريق اجهزة الدولة وأدواتها التنفيذية ، يكون العمل قاصرا وغير منتج ويجلب الشبهة الكبيرة على الدولة بأن من بين مديري سياستها من يساهم بتطوير هذا الخرق الامني والمجتمعي والاساءة الى سمعة بلد الحضارات التي كانت الاولى في اختراع الكتابة والعقيدة الدينية وابتكار طرق الري والعلوم الآداب وكانت بلد الانبياء والمثقفين الذين يُشارُ اليهم بالبنان في كل دول العالم في جامعاتها ومؤسساتها الطبية، وذلك ان الانتشار يزداد سوءاً لهذه التجارة وكل يوم يبتكرون طرقاً جديدة لطريقة نقلها الى العراق مستغلين هشاشة وعدم علمية طرق المكافحة لدينا لعدم جدية الدولة في تناول هذا الموضوع على مستوى الخطر الداهم للبلد..
إن الصورة الواضحة اليوم في العراق وما يعرضه الاعلام العراقي هو مضايقة المواطن بتجارة المخدرات والاتجار بالبشر وعالم كبير من المشردين والعاطلين والمتسولين بفضل الاهمال الكبير للمعنى الصحيح لادارة الدولة من قبل بعض من المعتوهين في علم السياسة والجائعين للسلطة والذين يعانون من الخرف والزهايمر يقودون الشباب نحو اللانتماء لأي وطن وأي مفهوم عاقل ورشيد.
مجلة سماء الأمير العدد السابع نيسان 2023