17 Nov
17Nov

يتجسّد سلوك الناس وأفكارهم من خلال التعليقات في فيس بوك التي تكشف لنا عن مفاهيم المجتمع العرجاء والتي عشعشت في عقولهم ومن ضمنها ما جاء عن لسان الغالبية بخصوص الفنانة المحترمة أمل خضير التي أبت المكوث في بيتها والاستسلام لقدرها في انتظار الموت كما تفعل غالبية النساء عند تقدمهن بالعمر بل فضّلت المشاركة بالحياة بأناقتها المعهودة دوما وأخذت تُغني بأمسيات لمطاعم معينة لتُحيي بأغانيها أجواء الملل التي أحاطت بالبلاد للحد الذي أصابت حياتنا بالشلل التام، فواجهت ما واجهته من تنمّر لأصحاب العقول المنغلقة بتعليقاتهم المسيئة بحقها، ويا لهول عبارات الاستهانة والاستهزاء التي نالت من شكلها وعمرها، والعبارة التي تتكرر دوما بالكوبي بيست "جماعتك شبعوا مي ورد وعليك الرجوع لربك والاستغفار وعليك أن تقضي ايامك الاخيرة بالعبادة والرجوع لله وتلك التي تقول"ماذا تنتظرين بعد هذا العمر انظري الى وجهك بالمرآة جيدا اتظنين انك صغيرة، لقد فات الأوان وما عليك سوى ذكرا لله عسى أن يعفو ويغفر لك اللهم اهديها الى الصراط المستقيم امين يارب العالمين " والكثير غيرها وعلى نفس الشاكلة والغريب لم يقتصر التنمر على الرجال فقط بل وشاركت به النساء من مختلف الأعمار، وهنا نصل لقمة الانحطاط الفكري الذي تعيشه المرأة العربية من خلال التعرّض لها فيما لو أرادت الحياة ,وبأفكار أختزلت كيانها بالزواج وعليها أن تنتهي يمجرّد إنها تزوجت فما بالنا وقد تقدّم بها العمر ؟هي تابعا للرجل وما عليها سوى الدوران في فلكه ؟ والصراط المستقيم يعني التوقف عن الحياة عند الكِبر واقتصارها على العبادة، !!!
ولا أدري ما الذي سيستفيده الله من عبادتها له، فهل هو بحاجة إليها ؟
وما التغيير الذي ستحدثه عندما تقضي بقية حياتها وتُقصر افعالها على العبادة وتكرار ذات الفعل يوميا بانتظار موتها؟
وحتى الرجال لدينا تنتهي حياتهم حين بلوغهم لسن معين رغم أن الحياة أعطتهم فرص أكثر من النساء من حيث الرقيب والحساب لكون المجتمع يركز انتقاده وتمرده على النساء فقط، ولهذا نجدهنّ أكثر خنوعا واستسلاما. وكأن مشاركة المرأة بالحياة جريمة لا تُغتفر، وكأن تقدمها بالعمر صار لطخة عار وعليها أن تدفن نفسها بقبورهم التي هيئوها مسبقا لكل من تقدّم به العمر .
تشعر النساء بالفوبيا من فكرة تقدمهنّ بالعمر لكون مجتمعنا البائس حدّد لها دورها وحصره بالإنجاب وحين يبلغ الأبناء سناً معيناً والذي يؤهلهم للذهاب كلٍ لسبيله ستنتهي مهمتها ويكمل الرجل حياته بالبحث عن زوجة أصغر منها و يكمل طريقه فيما لو كان قادرا عليه فلا يعيبه شيئا سوى نقص المادة لديه.
ومن بين الف من هذه العقول العاطلة عن العمل سوى من مراقبة الناس نجد من بينهم شخص واحد فقط يرفض فكرة التدخل بأمور الغير وهذا إن دلّ على شيء فلا يدل سوى على إننا أمة غرقت ببؤسها وعشقت الموت فأخذت تشجّع أي كائن حي عليه, فاستكان مجتمعنا في قعر الأمم بهم فلا من إنتاج يُذكر لهم ولا من ابداع لديهم، معتمدين على بلدان الكفر بكل احتياجاتهم من الابرة للكيبورد الذي يتنمرون به على أنفسهم ولولا البلدان التي يصفونها بالكفر لما استطالت ألسنتهم هكذا ولكانوا الان يتنقلون ع البعران ويسكنون الخيام. هذا جزء لا يتجزأ من بين ملايين الأجزاء التي تواجهها المرأة العربية على العموم، ولا أدري كم ستصمد هذه الانسانة بوجه هذا المجتمع الذي شاخ تفكيره وعجز في أن يقدم شيء لنفسه فبات يطلق تنمره على كل من ينبذ العجز.
الفنانة الجميلة والمتألقة أمل خضير اعتذر لكِ وأأسف لهذه العقول التي نخرها الجهل فمن يتقدم به العمر عليه أن يدفن نفسه بالحياة ولا غرابة من تفكيرهم هذا بعد أن دُفنت عقولهم منذ ولادتهم بخرافات لا طائل لها لغاية ما دُفِنت مجتمعاتنا بقاع حضيض الأمم.
وأُصبت بيأس قاتل من إمكانية استقامة هذه الامة، واحباط شديد لانعدام الأمل لدينا بهذه العقول التي نخرتها العادات والتقاليد والمفاهيم التي سحقت العقل وأججت الخرافة بداخله. فيا اصحاب تلك العقول ، العجز لا ينحصر بالتقدم في العمر بل ينحصر بالعقل العاجز عن العطاء و بشيخوخة افكاره البائسة، فطالما يكون الإنسان صحياً وقادراً على العطاء فلا تستقيم معه مفردة العجز، بل تنطبق على عقولكم العاجزة على العطاء.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة