العنف ضد النساء هو عنوان العرض الذي قدمه الطالبان جواد هروش ومحمد الناجح وهما طالبا ماستر "الهشاشة والسياسات الاجتماعية" في ظهر المهراز في فاس مع طلبة الفصل السادس شعبة علم الاجتماع.
أشكاله وأسسه وانعكاساته على المجتمع
تعد ظاهرة تعنيف النساء ظاهرة عالميةّ، لا يخلو منها أي مجتمع، كما أنها ظاهرة عريقة لها جذور عميقة في التاريخ، رافقت المسار التاريخي للنساء سواء كان عنفا ماديا أو عنفا خفيا رمزيا، فقد عانت منه جل النساء في المجتمعات وفي جميع الثقافات والطبقات الاجتماعية، فالتعرض للتعنيف عد المسالة الموحدة للنساء، رغم اختلاف انتماءاتهن الاجتماعية والثقافية والإثنية والدينية، وقبل التطرق لأسباب هذه الظاهرة، وسبل شرعنتها وتبريرها وانعكاساتها على النساء وعلى المجتمع وكذا استراتيجيات مقاومتها سواء الفردية أو الجماعية. ويمكن تعريف مفهوم العنف كما جاء في التحديد اللغوي، حسب ابن منظور يعني الخرق. أما مفهوم تعنيف المرأة فنجد الأمم المتحدة تعرف العنف اتجاه النساء بأنه أي فعل من أفعال العنف الذي يسبب أو قد يسبب الأذى لها أو المعاناة الجسدية أو الجنسية أو النفسية. تعاني النساء من أشكال متعددة من أنواع العنف، كالعنف الاجتماعي ، الاقتصادي والثقافي. ويشكل العنف الرمزي اخطر هذه الأشكال من العنف لأنه هو الذي يشرعن باقي الأنواع الأخرى لأنماط التعنيف والإقصاءات والتمييز التي تجعل مكانة النساء هشة في المجتمع وتكون السبب الأساسي للممارسات التعنيفية الموجه للنساء سواء في إطار مؤسسة الأسرة أو المجتمع بشكل عام. إن العنف الذي تتعرض له النساء لا يأتي من فراغ وإنما له أسس مدينة وصلبة يقوم عليها فالموروث الثقافي من الأسباب التي ظهير الباب على مصراعها للاستفحال حيث تصور المرأة في المخيال الاجتماعي على أنها جنس بشري من الدرجة الثانية، وأن سبب وجودها هو خدمة الرجل والحفاظ على النوع البشري، وقد تعززت هذه القوالب الاجتماعية من خلال سيادة صيغ من العلاقات العتيقة التي تكبل إرادة وحرية المرأة، حيث أنها تصبح عالقة داخل صيغ علائقية أبوية تجعلها ضحية أمام تسلط الذكور في العائلة، كما تلعب الثغرات القانونية دورا بارزا في إرساء هذه الظاهرة من خلال العقاب، وأما تكريس الخطاب الديني للعنف ضد المرأة فيصل إلى حد إنتاج إيديولوجية تعتبر الفوارق بين الرجال والنساء طبيعية فطرية، بحيث يعتبر تحرر المرأة من الأدوار النمطية خروجا عن النظام الإلهي. هكذا إذن ومن خلال ما سبق تجدر الإشارة إلى انعكاسات العنف ضد النساء سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي؛ فإن التقسيم الجنسي للمهام بين النساء والرجال اثر سلبا على مكانتهن داخل المجتمع وجعل من الهشاشة إحدى خصائص معظمهن بامتياز، سواء في المجتمع ،الهشاشة الاجتماعية، أو على مستوى التكوين أو التعليم، هذا ما يجعلهن يعشن نوع من التبعية. ومن التأثيرات المباشرة والسريعة لتعنيف النساء هو خلخلة التوازن الطبيعي للأسرة، فتكون جيلا مهزوما فاقدا للثقة في ذاته جيلا مريضا غير قادر على تحمل المسؤولية أو القيام بالأدوار المنوطة به في المجتمع. وبالتالي يمكن القول أن تحقيق التنمية في غياب النساء أضحى مسألة مستحيلة لان النساء لا يشكلن نصف المجتمع على المستوى الكمي فقط بل والكيفي كذلك نظرا لدورهن الحساس في عملية التنشئة الاجتماعية التي تعد أساس بناء وتكوين الإنسان الذي يعد مركز كل تنمية، وتعنيف النساء بعدم تمكينهن على جميع المستويات لا يضعف فقط قدراتهن بل يسبب التخلف للمجتمع بأسره.