فؤادة العراقية
أيامنا الحاضرة تصرخ بوجوهنا وتقول نحن نتاج لمفاهيمنا المغلوطة ولايامنا الماضية
تتكرر على مسامعنا دوما مفردات تعوّدنا على سماعها منها الستر والتستر ويكون وقعها محببا للآذان التي تعوّدت على سماع الكثير من تلك المفردات المهترئة والمُقزّزة دون المحاولة بالخوض في تفسيرها.
ولكون النساء الفئة المغضوب عليهنّ دوما والمغلوب على أمرهنّ فموضوع الستر يخصّهنّ دون الرجال لكون الرجل منذ يوم ولادته هو مستور عليه ولا يُعيبه شيئاً مهما فعل "الرجل رحمة وإن كان فحمة" أمثلة غبية نابعة من ثقافة مجتمع متهاوي يضع العيب وكل العيب في النساء معتبر إياهنّ مجرّد عورات مهما علا شأنهنٍ، عقولهن عورة واجسادهنّ عورة..
فالتحرش عيب عليها وفخر له رغم أنها الضحية وهو المعتدي , والزانية تُقتل غسلا للعار ويطلق سراح الزاني وهكذا نبَتت أفكار التمييز بين الجنسين لتتناسل تلك المفاهيم ولتشمل التستر على الاغلاط لتكون النتيجة المساهمة بالغلط نفسه فصرنا نتستر على الاغلاط بحجة الستر على أصحابها وهو دليل على إننا مجتمعات مبنيّة على أساس هش ولا يمكنه أن يقاوم هشاشته طويلا ولهذا السبب نحن نطمس في الوحل شيئا فشيئا.
من المواضيع المهمة التي تستحق التوقف عندها موضوع التستر أو ما ما يسموه "الكذب الأبيض" أوالمجاملات الفارغة التي صارت نهجا حياتياً يتمسك به الجموع رغم إنها سببا رئيسيا لمشاكلنا ولتأخرنا ولضياع أعمارنا سدى، ولطالما أثارت تساؤلاتي تلك الأفكار المغلوطة لدينا والتي نعتبرها من ضمن الفضائل.
أن يلتزم المعارف والاصدقاء الصمت أمام رؤيتهم لخيانة أحد الأزواج هي ظاهرة موجودة لدى الغالبية بحجة الحفاظ على البيت من الانهيار، حجة سمجة وساذجة ومضحكة لكونها ستكون بمثابة خيانة للزوجة المخدوعة ليتشارك الجميع بخداعها وترك البيت مبنياً على اساس هش واعوج ، وبدلا من شعورهم بالذنب بخداعهم للزوجة سيلازمهم الشعور بالفخر وسيكون تفكيرهم على شاكلة’’ الله يحب الساترين’’ أو ’’فلندع الخلق للخالق ’’ وبحجة الفضيلة يتغافلون عن الفضيحة والله يحب الساترين خوفا من أن يتحملوا الذنب وهم بهذا يرتكبون أكبر الذنوب,.
وليستمر الحال على ما هو عليه وليستمر أسا تلك العلاقات معوّجا الى أن يأتي اليوم الذي تكتشف به صاحبته بأنها كانت مخدوعة لتتهاوى العلاقة من أساسها ولتخرج هي منها بخسائر نفسية لا يُعوّضها شيء، الشعور بالاسى والندم، الشعور بالغبن وضياع العمر، الشعور بالغدر والتسبب بعقدة نفسية ، والكثير من الامور التي تواجهها المرأة فيما لو كان ينقصها الوعي ومؤكد بأنها ستخرج خالية العقل بحكم علاقتها التي استنزفت جهدها وطاقاتها من جراء تسلط الذكر على كيانها وعقلها وهناك استثناءات أكيد لكن تُعنيني الغالبية وهذا فيما لو احتفظت الزوجة بكرامتها وانتفضت على فعل الخيانة وفعل الانتفاض نادر الحدوث لكون اغلب النساء تُهدر كرامتهن بالزواج ويتقبلنّ خيانة ازواجهنّ برحابة صدر بل وأحيانا يتستّرن عليها ويمثلنّ دور الغباء أمام سي سيدهنّ المُبّجل بل ويضعنّ السبب واللوم على أنفسهنّ وما عليها سوى أن تفكر أين يكمن الخلل فيها واين نقصها لتحاول تعديله وبدلا من وضع اللوم عليه ستضع اللوم على نفسها فتعمل على تغيير نفسها من خلال الاعتناء بمظهرها وخدمته أكثر فتُكثر من مُداراته حتى لا يضيع منها أو بأتعس الاحوال تترك الامور على الله الذي سيأخذ لها حقها في يوم الحساب.
فبدلا من التمرّد على واقعهنٍ سيرضخنّ اكثر ويُقدمنّ التنازلات تلو الاخرى وكأن الخطأ كان منها، ويلعب تخلف المحيط دورا كبيرا ليُعزّز بداخلها هذا الشعور من خلال النصائح التي ستكون على شاكلة "عليك الصبر والتسلح بالحكمة حتى لا يضيع سي السيد منك" ومن أقبح الأمثال التي ستقال بمثل هذه المناسبات "الطير مهما يطير يرجع لعشه" "والرجل مهما فعل سيبقى رجل ولن ينقص منه شيئاً. "
غالبية النساء اليوم يعرفنّ بخيانة أزواجهنٍ ولكنهنّ يلتزمنّ الصمت إزاءها وكأنه جوهرة تخاف من ضياعها، وكأن حياتها ستنتهي بدونه وستستمر هي في الاستنزاف وبمرور الأيام سيدرك الزوج بأنها مجرد حطام لا كرامة لها ولا عقل وصارت غير صالحة للاستخدام فيقوم باستبدالها بكل بساطة.
والأغرب من كل هذا رؤية البعض التي لا يعتبرها خيانة بل هو فعلا غريزيا نظراً لطبيعة الرجل الشبقية والتي تجعله لا يكتفي بزوجة واحدة فهو ميّال للتعدد بفعل شياطين الفجور التي تركبه بين فينة وفينة وهو لعمري تفكيراً أحمقاً عندما ينعتون الرجل بالقوة ومن ثم يتهاونون أمام نزواته بحجة الضعف، وهذه من ضمن الأسباب التي يرفقها الاغبياء بموضوع عهر تعدد الزوجات وسؤالهم الأحمق والجاهز دوما على ألسنتهم الغبية " أيهما الأحسن أن يزني بالحرام أم يعدد بالحلال" ؟ عبارة غبية تطلقها بعض النساء أحيانا لإقناع أنفسهنّ بعد أن نلنّ القسط الكافي من تشويه عقولهنّ .