اذكر كلَّ أُمٍ كانت كتلة من العمل اليومي المضني ينقسم هذا اليوم الى عمل روتيني لانها هي أول اليوم وآخره.. تلبية احتياجات الصغار وتنظيف المنزل والطبخ ثم الهَم الكبير إن كان الفقرُ ضيفاً دائماً لدارها هي من تتفضل لتكون قسمة الموارد عندها وكيف يكون هذا التقسيم عادلاً بين احتياجات المدرسة من الكتب والدفاتر وكسوة الصيف والشتاء وضيافة الاهل التي كانت نظاما إجتماعياً ثابتاً عبر هذه الزيارات وكيف إن كانت وجبة طعام أم ضيافة ما بعد الظهر؟ هي تملأ الصينية بما رزقهم الله لتظهر بمظهر السيدة الكريمة صاحبة الموقف الذي يرسم لها صورة المرأة النجيبة.. ثم .. إن كان لديها مرضى أو ذوو إعاقة فهي الطبيبة والممرضة ومَن تحزن للحال وتبكي بصمت وتدعو الله أن يمنح مريضها الشفاء.. هذا والعمود الفقري في الامر كله حالة الفقر والعوز والحرمان الذي يحتمّ عليها باباً واسعا من الحلول لكي لا ينام الاطفال وهم جياع .. إضافة الى بعض أو كل الظلم الذي كان يعانيه عدد غير قليل منهن من جور الزوج وقسوته..
بأم عيني كنت أراها حتى آخر الليل تبقى مثل الجندي الواقف في واجبه دون أن يُشعرَ أحد بتعبها وكأنها حصان طروادة تلبي كل شيء دون أن يكون هناك إي اعتبار لكل التعب المتراكم على عاتقها .
ولما دخلت هذه المرأة المدارس وتخرجت وتزوجت وتوظفت.. كانت لها حكاية أخرى من المسؤوليات المركبة.. وكأنها تقترف ذنباً عندما تترك الدار ذاهبةً الى وظيفتها وتعود بسرعة البرق تُكملُ ما بدأت حتى لا تسقط في شباك الملامة، واكثر النساء يُصادر الزوج نصف راتبها أو كله بدعوى موافقته على عملها خارج البيت.
كم هي نقاط الظلم والتعسف التي عانتها، وكم هي نقاط صلابتها وشرف تحمل مسؤولياتها بصبر ووقوفها شامخةً بين أبنائها وبناتها من الضباط والمهندسين والمحامين يوم تخرجهم بفضلها أو يوم زواجهم..
وتعود سيدة أو سيد غير كريم.. أو آنسة ترغب من باب " خالف تُعرف" تسوق اللوم وتنتقص من عظمة الام والزوجة وتدافع بغباء شديد وبلاهة عن مضمون فكر مريض أو تعاني من عوق ذهني لتنتقص من الحقوق الآدمية التي أكرمها ديننا الحنيف وكان لنبينا الاكرم أسوة حسنة في التعامل بإنسانية وكرم لها والتي ذكرها القرإن هي والزوج بعد عدم الشرك بالله " الاّ تعبدوا الاّ اياّه وبالوالدين إحسانا".. نحن معشر النساء من الأميّات أو صاحبات الثقافة العالية والعميقة نميّز جيداً طبيعة حقوقنا بعيداً عن هرطقة الجاهلات من بنات جنسنا…. وكفى .