مشرقات / خاص
بوح شهرزاد
أطفال الأجنبيات العرب ! / مريم لطفي
يبدو العنوان غريبا بعض الشيء ،لكن الاغرب هي المأساة التي يكابدها المهاجر العربي/العراقي او اللاجئ او المقيم لأجل عمل او دراسة ما..
اول مايصل الشاب العربي الى الغرب ينبهر بطبيعة الحياة والانفتاح الذي لم يره في بلاده ولأكون اكثر صراحة فاقول الاباحية المشرعنة في تلك البلاد باسم "الحرية الشخصية" من دون قيد او شرط ، فما ان يصل الشاب الذي ذهب لهدفٍ ما حتى يجد المغريات امامه وبكل سهولة ويسر يتعرف على فتاة ما لتتطور بعد ذلك العلاقة الحميمة التي لم تتوج بالزواج او ربما توجت بالزواج لأسباب قد تكون عاطفية او اقتصادية عن طريق حاجة الشاب لفتاة قد تمنحه الجنسية اذا تزوجها اوتمنحه عملا ما لاسيما اذا كانت صاحبة العمل او صاحبة السكن اوانها قدمت له اي نوع من المساعدة ، المهم إن الموضوع قد تطور الى علاقة والعلاقة اثمرت طفلا او طفلة ، ومن هنا تبدأ المأساة ، وكما هو معروف فإن القانون في تلك البلاد غالبا مايراعي جانب المرأة وإن كان ذلك فيه نوع من الايجابية والانصاف ، ولكنه يجحف حق الاب – العربي - ببنوة الطفل الذي سيصبح بعد فترة وجيزة حبل مطاط يحاول كل طرف جره اليه ، من هنا تبدأ المعاناة التي تشمل العائلة باكملها ، ولأكون منصفة حتى الام ـ الاجنبية - تعاني من هذا الموضوع لأنها لم تمتلك فكرة عن العادات والتقاليد العربية ، هي احبت انسانا واقترنت به بعيدا عن اي شيء آخر ، لكنها سرعان ماتصدم بسيل من العادات والتقاليد التي يريد الاب وبحكم نشأته العربية وعاداته المتوارثة ان يعلمها لابنه ابتداءً من الدين والاعراف والسلوكيات العامة والخاصة كطريقة الكلام واللبس المحتشم لاسيما اذاكان الاب قد رزق بطفلة!
وكما هو معروف فإن هذه البلاد تطلق الحبل على الغارب لمواطنيها من كل الاعمار مع بعض القيود البسيطة ، فالانسان هناك غير ملزم بنوع الملابس التي يلبسها او طريقة كلامه اوتسريحة شعره او اسلوب حياته او الفقرات التي تدرس في المدارس، اوالسهر خارج البيت لوقت متأخر،اوالاستقلال عن الاسرة في دور المراهقة ناهيك عن الاباحية التي تعد "حرية شخصية"!
هذه الامور تقود الى تخلخل العلاقة لوجود نزاع حاد بين حضارتين الهوة بينهما كبيرة وبعيدة كبعد السماء عن الارض ، وبالتالي يؤدي ذلك الى الانفصال الذي يدفع ثمنه الطفل الذي يتقاسم الحياة بين ابوين بالامس القريب كانا حميمين واليوم عدوين لدودين كل واحد منهما يريد النيل من الاخر باي طريقة ، وتصل الامور الى المحكمة التي تجتهد لإيجاد حل غالبا مايكون بجانب الام باعتبارها حاضنة ، بل ويستميت القانون لحماية حقوق الام ليكتفي الاب بنهاية المطاف برؤية طفله او طفلته مرتين في الشهر او مرة كل اسبوع لقضاء عطلة نهاية الاسبوع"الويك اند" مع كم المعاناة التي يحملها الطفل الذي نصفه عربي ونصفه اجنبي وحالة التشرذم التي تنتابه وهو يرى والده في واد ووالدته في وادٍ مختلف تماما وعليه ان يكون مطيعا لكلٍ منهما ملبيا اوامرهما ،متصارعا مع نفسه وطريقة الحياة التي يفرضها عليه كلّ منهما،فالاب يطالبه بالالتزام واحترام الاعراف والتقاليد ،والأم تطالبه بالتمرد على تلك العادات التي تعدها ضربا من الجنون في بلد يقدس الحريات وحالة الصراع التي تكتنفه للوصول الى هويته الحقيقية حسبما تمليه عليه نفسيته المشوشة المقطعة بين حضارتين متباعدتين كبعد السماء عن الارض..
وقد يلجأ بعض الآباء"العرب" الى سرقة ابنائهم والعودة الى ارض الوطن - هذا ان فلح بذلك - وترك الام – الاجنبية - تواجه مصيرها المؤلم ،او انهم يدوسون على مشاعرهم ويعودون دون ابنائهم وذلك اضعف الايمان ، فيعود الاب محطما غير قادر على ممارسة الحياة الطبيعية محاولا تكوين اسرة بجسد حاضر وروح غائبة معلقة بابنه الذي تركه في بلاد العم سام..
هذه الكارثة الانسانية سببها الاقتران غير المدروس لعلاقة قد تكون عابرة"نزوة"تعود بالمآسي على كل الاطراف وان كانت هناك علاقات ناجحة لكنها قليلة نسبيا ومحدودة جدا لاتخلو من المشاكل اضطر طرفيها ان يتنازلا عن بعض الحقوق لكي تسير الحياة..
وعليه فعلى المرء أن يفكر ألف مرة قبل ان يقدم على انجاب طفل من ام اجنبية يكون ضحيتها الطفل اولا والوالدين ثانيا، والحقيقة ان الانسان داخل وطنه قد يجهل عادات وتقاليد الطرف الآخر مع انه يعيش في المنطقة او البقعة الجغرافية نفسها وطالما يقع في مطبات تكلفه الكثير تصل في اغلب الاحيان الى الطلاق فما بالك اذاكان الامر صراع حضارات!