" وأنا اقرأ المنشورات التي اكتسحت الفيسبوك عن رفات الشهيد العراقي (عبد الامير حاج جبار الجادري ) الذي فقد في العام ١٩٨٢ إبان الحرب وجرفته السيول الإيرانية وأوصلته الى المشرح ومن ثم الى أهله في ناحية الفجر في الناصرية ، تمنيت ان تكون والدته على قيد الحياة ، فقد وثقت حياة امهات انتظرن لسنوات عجاف ان يعود الابناء الذين سجلوا مفقودين وتوفين مع وصية ان تدفن معهن صورهم ، توفين وعيونهن مفتوحة نحو الباب ، حتى آخر نفس انتظرن ان يدخل المفقودون ليغمضن عيونهن ، وبعد ذلك النفس ، قام من كان حولهن بسد عيونهن ووضعوا صور المفقودين فوق القلوب مباشرة وتم تكفيهن.. يا لوجع الأمهات في العراق وهُن ينتظرن المفقودين في حرب و حرب و حرب .. وعبد الامير ، تمنيت أمه مع ابنه حيدر يحضنان عظام رميم في زي عسكري وساعته التي توقفت عند الثانية والنصف ، صباحا وربما ظهرا، تراها كم يوما استمرت تدور بعد استشهاده ؟ ومع عظامه ، كان قلم جاف ، كم رسالة كتب بها ، كم آهة عرف بها ، كم حسرة سجلها وكم سؤالا بلا جواب ! لماذا لا تتمكن الساعات والأقلام ان تتكلم؟ وفي جيب زيه العسكري ٢٠ فلسا وقطعة نقد قد تكون ١٠٠ فلس و ربما ٢٥٠، شاب كانت ملكيته ١٢٠ او ٢٧٠ فلسا وفي عظم ما من عظام صدره قرصه العسكري حيث اسمه ورقم وحدته.. كم شهيدا ظل في العراء معه و حزنت عليهم الأتربة و غطتهم مع احلامهم ؟ رفات الشهيد عبد الامير ايقظت كل الجروح والدموع و سؤال بحجم الكون ( لماذا ؟ )