01 May
01May

مجلة سماء الأمير ـ خاص:

في منتصف ستينات القرن الماضي، وأنا كنت في آخر مراحل دراسة البكالوريوس بكلية الفنون في برلين ,, ذهبت الى مديرية الإقامة العامة لتمديد اقامتي التي  يجب أن تتجد سنوياً  .. تفاجأت بأن صلاحية جواز سفري العراقي كانت منتهية، فتعذر علي تجديد الإقامة، مما حدا بي للذهاب في اليوم التالي الى السفارة العراقية من أجل تجديده .. تفاجأت بأن القنصلية تطلب مني أن أدفع البدل النقدي عن الخدمة العسكرية والبالغ مقداره 1250 ماركاً ألمانيا .. ولم يكن لي علم مسبق بذلك وقد حدد الموظف المختص بأن ليس لدي سوى يوم واحد ولم يكن قد وصلني خبر هذا الإعمام بتاتاً .. فوقعت في حيرة كبيرة، لا سيما وأني كنت أتقاضى مساعدة مالية شهرية من الجامعة مقدارها 280 ماركاً ألمانياً .. وكان الشهر قد أوشك على الإنتهاء .. فما هو الحل، ومن يعين على مثل هذا المأزق؟ .. وعندما لا تتجدد اقامتي لا يحق لي الدوام في الجامعات الألمانية، وأخسر دراستي وكل آمالي التي وضعتها عليها .. أتصل بي مصادفة بعد الظهر "ماتياس" أحد زملائي  في الدراسة، وسمع مني مخاوفي بأني سوف لا أستطيع البقاء معهم .. أحسست من صوته بأنه حَزِنَ لهذا الخبر .. ما هي الا ساعتين وإذا بماتياس يتصل بي ويفاجئني، بأنه هو وأصدقاءه قد جمعوا لي المبلغ  وسيأتي الي فورا ليسلمني إياه، لأكون جاهزاً في اليوم التالي للذهاب الى السفارة ودفعه .. كنت أسمع منه هذه الكلمات  والدموع تتساقط من عينيّ .. وفي نهاية الشهر وددت أن أقسط ما علي من دين الى اصدقائي وزملائي الالمان .. لكنهم رفضوا ذلك وقالوا هذه هدية متواضعة منا اليك .. فهل يمكن لي ما زلت حياً أن أنسى هذا الموقف الانساني الراسخ في الذاكرة ؟!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة