11 May
11May

مجلة سماء الأمير ـ خاص:

"هذا كتاب يتمحور حول خطة لتنشئة الشباب ثقافياً تقوم على هدم الفاسد فى البناء الثقافي القائم، والحفاظ على الصالح فى بنائنا العقلي والروحي القائم،  وإضافة الجديد الذى يجعل البناء قوياً متيناً.. 

يضم هذا الكتاب، لمؤلفه د. مصطفى يوسف أبو زيد، بين دفتيه معلومات ثقافية وزعت بين إثنى عشر فصلاً، تحت عناوين مختلفة مترابطة بدءاً من مفهوم الثقافة وخصائصها وأهمية الجمعيات الثقافية، مروراً بالثقافة والقيم، فضلاً عن أبرز وسائل التثقيف ومشكلات التفاعل الثقافى، ووصولاً الى الفصول الأخيرة التي ركزت على الإبداع الثقافي ووضع مشروع خطة ثقافية لتنشئة الشباب وتنميتهم. يستند الكاتب في مشروع خطته الثقافية لتنشئة الشباب، على ثلاث عمليات أساسية تتمثل الأولى بعملية هدم للفاسد فى البناء الثقافي القائم، والثانية بعملية الحفاظ على الصالح فى هذا البناء، والثالثة بعملية إضافة الجديد الذى يجعل البناء قوياً متيناً.

يبدأ الكاتب في العملية الاولى لهدم الفاسد، بموضوع الفصام الثقافي، الذي يمكن تجنبه من خلال التمسك بالجذور الثقافية وأن نكون على بصر بالثقافات المتتالية فى وطننا مهما بعدت الشقة بيننا وبينها بما فى ذلك ثقافة القدماء، ثم هدم الاغتراب الثقافي عبر اتاحة فرص التفاعل الثقافى لاسيما بين ما يحمله أصحاب المؤهلات العلمية العالية من ثقافة بلدهم وبين ما يقفون عليه من ثقافات أجنبية. 

كما يؤكد أيضًا أن تترك الإتكالية الفردية لاسيما إن الكثير من البحوث والكتب لا تعدو أن تكون مجرد نقل صريح أو مستتر عما سبق أن كتب فى اللغة العربية أو فى إحدى اللغات الأجنبية ما تنم على الكسل العقلي. وإتساقاً مع ما سبق يشير الكاتب الى إن إهمال اللغة العربية يجب أن يُنبذ، فضلاً عن ضرورة التخلص من حالة دفن البحوث العلمية التي ماتت بعد مناقشتها مباشرة، لذلك الشباب اليوم فقراء لا يعرفون الكثير من المفكرين الحاليين، لاسيما إن هناك آلاف الرسائل لا يعلم الرأس العام عنها شيًئاً. 

أما بالنسبة للعملية الثانية الخاصة بالحفاظ على الصالح فى بنائنا العقلي والروحي القائم، 

يوضح الكاتب بعض القضايا التي يجب الالتزام بها، أهمها:

ـ التعليم الابتدائى الإلزامى، وأن تأخذ الدول على عاتقها كفالة الحد الأدنى من المعرفة والتربية لكل طفل يشغل من عمره ست سنوات والى الثانية عشرة. 

ـ الإهتمام بالمكتبات المدرسية، فلها دور عظيم فى التثقيف والتنوير، وأن يراعى تخصيص الوقت للمكتبة فى كل يوم مدرسى لا يقل عن ساعة أو ساعة ونصف حسب المرحلة التعليمية، وأن تتوافر في المكتبة المدرسية نوعيات متباينة من الكتب التى تنسجم وهوى لدى التلاميذ فضلاً عن جميع الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، وأن لا يُجبر الطالب على نوع من القراءة ولا يطلب منه تلخيص لما يقوم بقراءته بل يكفل له أن يقرأ تلقائياً بغير تقديم كشف حساب عما قام بقراءته، فضلاً عن محاولة إشراك الطلاب فى تصنيف مكتبتهم بأنفسهم. 

ـ التوسع فى البرامج الثقافية وبرامج الأطفال والشباب في الإذاعة والتليفزيون، والاستهداء بعلمائنا فى تقديم المادة العلمية الصحيحة فى المجالات المتباينة لاسيما فى مجالي التربية وعلم النفس. 

ـ تشجيع نشر الثقافة والفن ودعمها ومساندتها بشكل أكبر لاسيما إن الإبداع محدود بطبعه ويتحقق بمواهب نادرة يجب الحفاظ عليها. 

ـ حرية الفكر وإلغاء الرقابة على المصنفات الأدبية والعقلية قبل نشرها، ولعل ثمار حرية الفكر هذه التى تكفلها الدولة للمفكرين ستبدو بعد فترة تقصر أو تطول حينما تتلاشى نتائج الخوف الذى يهدد الأقلام والعقول الفكرية. 

ـ توفير الفرص أمام الأقلام الشابة من خلال الوسائل المتباينة منها ما توفره الدولة من فرص النشر للمبتدئين على نفقتها، وما تكرسه الصحف اليومية من مساحة للقراء وللشباب من الكتاب، وما تتيحه الإذاعة والتليفزيون للشباب لإذاعة أعمالهم الأدبية وتلفزتها، وإن كان ذلك يحصل فى نطاق ضيق ويجب العمل على توسيعه. 

أما العملية الثالثة الخاصة بإضافة الجديد الذى يجعل البناء قويا متينا، يقترح الكاتب أن تعقد الدورات التدريبية التى تتماشى مع التطورات الحرفية والمهنية والتكنولوجية السريعة المتلاحقة، فضلا عن إقامة ندوات التوجيه الثقافى والصالونات الثقافية للشباب لاسيما إن تلك اللقاءات مفيدة جداُ لا من حيث أنها أدوات للحصول على معلومات، بل للحصول على مناهج للتفكير وللوقوف على ما تذرع به أولئك المفكرون من عادات ومهارات ويمكن أن تكون من خلال وسائل الإعلام. 

فضلاً عن ذلك يقترح المؤلف إتاحة نظام التفرغ الأسبوعى لأصحاب الإهتمامات الثقافية، مؤكدا أن ثمة بطالة مقنعة متفشية، وتصحيح المسار إنما يكون بتقليل ساعات العمل وإعطاء يومين كل أسبوع للعاملين لاسيما الذين يقومون بأعمال ثقافية وأن يجدوا تشجيعاً لهم بأن يوفقوا بين ما يضطلعون به من عمل وبين ما يصبون إلى تقديمه من إنتاج ثقافى أو علمى أو فنى إلى بلدهم. 

كما يشير الى إن المؤسسات الحكومية المعنية ينبغي لها  إنشاء الدواوين الثقافية في المحافظات وتفعيل خطة ثقافية مشتركة متكاملة وتنفيذها وتطويرها لنشر التنمية الثقافية فى ربوع المحافظات، على اعتبار أن الثقافة هى أساس كل تنمية، بحيث يشمل كل ديوان مجموعة المثقفين في المحافظة من باب إن "أهل مكة أدرى بشعابها"، لأنهم سيكونون على دراية كافية باحتياج محافظاتهم، الى جانب التركيز على مشروعات القراءة والندوات الثقافية والفنية، فضلا عن المشروعات التنموية، والحرف البيئية، والمنتجات التى تتميز بها كل محافظة. 

هذا الكتاب صادر عن المكتب العربي للمعارف، القاهرة، الطبعة الأولى، 2019  

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة