من عادتي العودة إلى المجلات القديمة، وبيدي عدد مجلة "الوطن العربي" الباريسية الصادر من 17 إلى 23 نيسان - أبريل 1981. وفي هذا العدد وجدتُ موضوعًا مغفلاً عن التوقيع عنوانه "تسع قصائد منسية للسياب". وفي المقال إشارة إلى أن بدر شاكر السياب رائد الشعر الحديث (الحر) ابتدأ سنة 1941، حين كتب قصيدته الأولى وهو في الخامسة عشرة، وحتى سنة 1964 سنة وفاته، وعلى مدى 23 سنة شغل بدر شاكر السياب الشعر الحديث وفتح آفاق الرؤيا والتجديد، وصوته وهو ميت أقوى بكثير من صرخات الكثير من الشعراء الأحياء في زماننا.
في حياته، أصدر الشاعر بدر شاكر السياب عشرة دواوين، وبعد وفاته صدرت له ستة أخرى. ومن الجميل أن يقدم الأستاذ حسن توفيق وعن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت" على نشر كتاب "أزهار ذابلة" للسياب وقصائد أخرى (تسع قصائد تنشر للمرة الأولى)، ومعنى هذا أن للسياب اليوم 17 ديوانًا.
القصائد المجهولة كانت من مرحلة نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي، القرن العشرين، وهي: عادة الشوق - الخريف - مريضة - الشتاء - في الغروب - الشعر والحب والطبيعة - قصة خصام - أم سجين في نقرة السلمان - العودة.
معد الكتاب ومحققه قسم كتابه إلى قسمين؛ في الأول وضع قصائد الديوان البكر الذي صدر في القاهرة سنة 1947 بعنوان "أزهار ذابلة"، والقسم الثاني ضم القصائد التسع المشار إليها آنفًا. كان السياب يحذف ويضيف ويغير في قصائده لأسباب فنية وسياسية، وطبعا هذا دليل عبقريته.يقول في قصيدته "شباك وفيقة"، وقد نشرت في ديوانه "المعبد الغريق"، أرسلها إلى يوسف الخال في 10 نيسان 1961:
"كأني طائر بحر غريب
طوى البحر عند المغيبْ
وطاف بشباككِ الأزرق
يريد التجاءً إليه من الليل
يربد عن جانبيه
فلم تفتحي.. آه لو تفتحين
ولو كنتِ من رحمة تنظرين
وهيهات أن تنظري والتراب
مهيلٌ على مقلتيكِ"
رحم الله بدرًا.