29 Apr
29Apr

إشراق عبد العادل المدير العام لدار الكتب والوثائق

مجلة سماء الأمير ـ خاص:

#نينوى_ربيع_دائم_واعمار_وسلام

في صغرنا كنا نصغي بإمعان إلى مدرّس التاريخ و هو يتحدث لنا بألم كيف تحول لون مياه نهر دجلة إلى اللون الأسود أو الأزرق الداكن لكثرة الكتب التي رماها هولاكو و جنوده فيه عندما احتلوا بغداد التي كانت حاضرة العالم و مركز الثقافة و العلم و النور .. لم يخطر ببالنا يومًا أن التاريخ سيعيد نفسه و بصورة أخرى لكن بالمعنى نفسه.. ولم تكن خيالاتنا ستمتد إلى المستقبل البعيد لنرى هولاكو جديد، ولكن ليحرق هذه المرة الكتب والمخطوطات والمؤلفات النادرة التي استودعها الموصليون العراقيون في المكتبة المركزية في مدينة الموصل التي احتلها تنظيم داعش في العام 2014 لتتحول تلك المكتبة التي تأسست في العام 1921 مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة إلى محرقة للكتب والمخطوطات النادرة بسبب نيران قصف الصواريخ والقنابل التي أيضا أحالت جدرانها إلى ركام أسود .. 

و ما أصاب المكتبة المركزية في الموصل كان قد أصاب من قبل دار  الكتب  والوثائق في الحبيبة بغداد في العام 2003 مع بداية الاحتلال الأميركي التي هي الأخرى أحرقت ونهبت نفائسها من الوثائق والكتب و المخطوطات.. لكن الحياة وجدت طريقها إلى هذه المؤسسة العريقة لتفتح أبوابها مجدداً وتعيد مكانتها كإحدى أهم المؤسسات الثقافية الهامة في العراق..  وكثيرة هي الأمكنة التي تشتهر بها مدينة الموصل، هذه المدينة الموغلة في القدم و الحضارة، لكن مكتبتها المركزية تعد أهم تلك الأمكنة نظراً لما كانت تحويه من نفائس الكتب والمخطوطات الأثرية والمؤلفات النادرة و بلغات عديدة.. 

و نظراً لتلك الأهمية، خاصة وأنها تعد من أكبر المكتبات سواء على مستوى العراق أو الشرق الأوسط فكان لابد من إعادة الحياة إلى خزائنها و رفوفها و قاعاتها التي كانت تضم عشرات الآلاف من الكتب و على هذا الأساس تضافرت الجهود للبناء من جديد.. وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أوائل الداعمين لكل جهد بذل من أجل أن تعود المكتبة المركزية في الموصل للحياة و لتفتح أبوابها للباحثين والطلبة والزوار وقبل كل هؤلاء جميعا أبناء الموصل الذين طالما كانت المكتبة المركزية مصدر فخرهم وعنوان ثقافتهم وصندوق حكايات تأريخ المدينة المضئ..إذن هاهي المكتبة المركزية تعود من جديد في مدينة تحب الحياة وتتشبث بالثقافة وقوة التاريخ .. 


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة