21 Apr
21Apr

مشرقات / خاص :

كان صيفا قائضا ليس ككل صيف ،جفت الانهار حتى آخر قطرة،بل ان النهر الذي كان يقطع القرية تحول الى ملعب لكرة القدم،بعد ان نفقت الاسماك وهجرته الطيور وسط حيرة وذهول الصيادين الذين طالما اعتاشوا من رزقه، وقد كان الملاذ الوحيد الذي يلجأ اليه الصبية للسباحة هربا من قيظ تموز وآب"اللهاب"، الحرارة تطبق على الانفاس فيلجأ رجال القرية الى تبليل الكوفية ووضعها على رؤوسهم لتخفيف الحرارة،فيما تقوم النسوة برش الماء في انحاء الدار بمحاولة يائسة لتغيير الجو،وبالكاد تسحب انفاسها ناعرة مبردات الهواء التي كانت تسحب السموم عبثا محاولة تلطيف الجوحيث يمر النهار بقدرة قادرمع عزف التقطيع المستمر للكهرباء املا بقدوم الليل..

العطلة الصيفية بدت طويلة مع هذا الحر،بقي شهران على عودة المدارس،كانت تحدث نفسها وتجيب ،حتى وان اكملت دراسة المعهد ليس هناك تعيينات ،عليها ان تجد ماتقوم به لتبدد الوقت وتعين اباها بمصروف البيت،اما الزواج فقد اجلته الى اشعار آخر لحين ظهور العريس المناسب!

اعتادت النوم في السطح مع اهلها ،حالها حال سكان القرية هربا من الحر،حيث كانت ترش السطح بالماء منذ الغروب كي تبرّد الاسرّة،تمددت على السرير البارد ،احست بقشعريرة لطيفة ،تسلل بعض البرد الى جسدها الذي عصره الحر عصرا،وما هي الادقائق حتى زالت النشوة،كان الجو حارا رطبا،قامت بظفر شعرها الطويل كي تخفف الشعور بالحر،تقلبت يمينا وشمالا محاولة النوم ،لكن عبثا كانت الضفيرة سميكة اعاقت نومها،سحبتها الى الجهة الاخرى دون جدوى،قررت ان تفكها من جديد،انسدل شعرها الاسود الطويل من السرير الى الارض،وماان اغمضت عيناها حتى شعرت بشيء ما ،كانها يدغريبة تفلّي شعرها،بدا لها حلما لكن اليد بدأت تتوغل اكثر فاكثر،فتحت عينيها لم تجد شيئا كان ليلا اليلا، الظلام الدامس يطبق على الافق،ليس هناك سوى حفيف سعفات النخيل و بصيص الفانوس قرب جرة الماء الفخارية ،لكن اليد لازالت تتحسس شعرها انتفضت من السرير نفضت شعرها بقوة،فهرب مسرعا وتسلق الجدار،ارتعدت من الخوف،وصرخت باعلى صوتها،وقد تملكتها قشعريرة فظيعة ،لم تكن تطيق رؤيته فكيف يجرؤ ان يلمس شعرها،كان هو بشحمه ولحمه وتلك العينان القبيحتان اللتان تثيران القرف والاشمئزاز، ذلك الوزغ اللعين الذي تمقته، امتلكتها رغبة عارمة بقتله لكنها لاتجرؤعلى الاقتراب منه،بدأت تلوم نفسها لأنها حلّت شعرها وتركته منسدلا على الارض، فلو لم تفعل لما اتى ذلك القرف وتسلق شعرها، كانت تعصر يديها بقوة وتصك اسنانها من الغضب،كل شيء فيها يرتعش ،عبثا حاولت لم شتات نفسها، انتابتها رغبة بالاستفراغ ،وبخضم ثورتها وعصبيتها احضرت مقصا وقصت شعرها،فتناثرت الخصلات كانها جثث هامدة في كل مكان،كانت تتألم لرؤية شعرها يتناثر،فلطالما تباهت به ولطالما تغزّل به الآخرون، لكنها باتت تشعر بالقرف منه الان  بعد ان دنسه ذلك اللعين!  كانت ترتعش من فرط عصبيتها،لكنها بدأت تتمتم بآيات من القرآن وتستغفر الله محاولة لم شتاتها ،بعدها حاولت النوم مجددا، وما ان اغمضت عيناها حتى شعرت باحد ما يوقظها ،فتحت عينيها فرأت الممرضة امامها مبتسمة وهي تقول:هذه اخر جلسة "للكيمياوي" ربما سيظهر الشعر من جديد!!

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة