آفاتار طريق الماء ـ "Afata, The Way Of Water"/ صباح محسن
آفاتار طريق الماء ـ "Afata, The Way Of Water"/ صباح محسن
16 Apr
16Apr
مجلة سماء الأمير العدد السابع نيسان 2023:
روعة السينما ، وجمالها ، وقبولها ، تكمن في ابتكاراتها واهدافها الفنية " بصرية ، وادائية " وهذا ما دأبت عليه حين ظهورها ، وعبر تاريخها ، كصناعة ومنتجة للجمال عبر ادواتها المعروفة . ودائما ما كانت ، بخلاف الفنون الأخرى ، التي سبقتها في الظهور والدلالة ، والمعنى ، والإستهداف .
وخلال مسيرتها صارت السينما تستحدث طُرقا مغايرة لاشتغالاتها ، والنماذج التي قدمتها معروفة وبيّنة .وآخر ما قدمته من إبهار ، وتجاوز لتجاربها الاستثنائية السابقة الجزء الثاني من فيلم " آفاتار طريق الماء " والذي تم تقديم الجزء الأول منه عام 2009 بعنوان مفرد " آفاتار " وكان المخرج جيمس كاميرون هو مبتكر وصانع التحفة السينمائية " تايتانيك " ليلحقها بتحفتة الفريدة والطليعية في كشفها عن امكانيات السينما الهائلة ، بسلسلة آفاتار . جيمس كاميرون هو مبتكر وكاتب ومنتج ومخرج آفاتار في جزئيه ، واشترك بكتابة السيناريو ايضا .
فيلم يقترح عالما من الالوان والبهجة ، وتقديم ما يوازي عوالم خارج جموح خيالاتنا ، وانفلات اجسادنا اتجاه امكنة حُلمية ، إنه فيلم يبحث في النشوة وباقصاها ، حين يمتد بنا الخيال للخلاص من واقع مزعج ومرهق ! بعض من اهداف السينما تدفع بالمتلقي للإنطلاق لما هو اسمى من عالمه ، باوجاعه ، وصراعاته ، وتزج به لما يغاير وطأة واقعه الصعب .
وبرغم كل هذا الانفلات ، والذهاب بعيدا عن عوالم تجتر صراعاتها ، لا تخلو تلك الاماكن من فكرة الصراع ، والاستحواذ ، والإقتتال حد محو الآخر الذي صنع واسس ورسخ لعالمه بعد خساراته ، وانكساراته ، في ارضه الأم ؟ نفس كوكب باندورا ، ونفس شخصية جيك سالي وعشيقته نيتيري في الجزء الاول وفي الثاني هي زوجته وأم ولديه ، ودفاعهما عن ارض العشيرة من غزو طامعين . وبثيمة تؤكد استمرار الصراع المتأتي من الاطماع وفكرة الإستبداد !
ثلاث ساعات من المتعة البصرية ، وبحضور متقن من ادوات التكنلوجيا في آخر ابتكاراتها ، ومؤثرات بصرية متقنة بإشراف خبراء فنيين يلاحقون كل جديد في ابتكار وصناعة ادوات العمل السينمائي ، من كاميرات تشتغل تحت الماء بدقة عالية ، وامكنة تصوير تم اختيارها بعناية ، وانتاج تجاوز ملايين من الدولارات لفيلم آفاتار بنسخته الثانية .
قد تصل السينما في قابل الايام لاستحداث ابطال وتقديم افكار يتم فرضهم بقوة ابتكاراتها " كأيقونات " تترسخ بذاكرة حال التلقي ، وليكون لحضورهم في ثقافة العامة كما كان حضور مارلين مونرو وجيمس دين وصوفيا لورين ومارلون براندو وإيرين باباس والكثير من النجوم التمثيلية التي تزدهر بها ذاكرتنا الجمعية !! وقد يكون حضور جيك سالي ونيتيري كأبطال سينمائيين ،
كما كان ذلك التأثير في رائعة سبيلبرج بفيلم " إي تي " اكثر تاثيرا ، واكثر وقعا على احاسيسنا ومحاكاة مشاعرنا مما ألفناه من ممثلين يشبهوننا ..!؟ نحن مقبلون على متغيرات هائلة ومخيفة تلف احوالنا ، وتطوق حياتنا المرتبكة ، كالذكاء الاصطناعي الذي يلوح بظلاله بآفاق مؤسسات تنتهج ما يُغاير ما جُبلنا عليه من كفاح ، وكد ، وجهد للحصول على فرص العمل لنكسب مفردات العيش بطريقة تمتد عبر مباديء وجودنا على هذا الكوكب ، وبلمحة ابتكار من مؤسسات تنتج تقنيات حديثة للبدائل البشرية التقليدة وزرع كائن يُجيد التفكير والاستجالة لمتطلباتنا وباسترخاء ! ليتم من خلال هذه الابتكارات إلغاء وازعنا الآدمي في الحث باتجاه حياة نستخلص من خلال ما تمنحه لنا وبقوة ارادتنا لنحصل على مرادنا منها .
فيلم آفاتار " طريق الماء " دفعني للتأمل طويلا ازاء فكرة اهميتنا كآدميين ، وهل نحن مؤثرون في حضورنا الفيزياوي المحدود ؟ وكم سيستغرق صبرنا بمطاولته للحد من تآكله ومحوه امام ضربات غول التكنلوجيا !؟
الفيلم حفل بمشاهد غاية في الروعة والجمال ، برغم حبكته التي اخذت مسارات درامية شبه مكررة ويشوبها بعض ملل ، لكن هناك لوحات بصرية مذهلة قدمتها كاميرا مدير التصوير تقربت من بعض من لوحات الرسام الشهير فان كوخ بألوانها وخطوطها الباعثة على الإدهاش والتي تدفع للتوقف حيالها وكأنها استمدت من لوحاته الباذخة بالبهجة والهيمنة على رؤية المتلقي المتشوق لكل ما يبهره .